ألواح حمراء من
الفلسپار ، ومعظم السماقى أحمر أو مختلط بالشست ، وقد احتفظت بنماذج من هذه الصخور
كلها. وبعد سرس اتجه طريقنا جنوب الجنوب الغربى وبلغنا وادى أتيرى بعد أربع ساعات
ونصف ، وهو أهم قرى بطن الحجر. وهنا تعود الجزائر تنتشر فى النهر ، وعليها خرائب
مساكن قديمة من الطوب وأبراج عتيقة. ويبدو أن ضفاف النهر لم تكن مأمونة حتى فى
العصور القديمة ، فإننى لم أصادف أى مساكن خربة على الضفة الشرقية لبطن الحجر.
ويلوح أن السكان القدامى قد آثروا الجزائر وحدها مسكنا. وهناك جندل آخر فى النهر
عند وادى أتيرى ومثله بين هذا الوادى وبين سرس مقابل سمنة ، على الضفة الغربية.
وواصلنا سيرنا أكثر من ساعة فى وادى أتيرى ، وينمو بعض النخيل فى هذه الوديان ،
ولكن أشجار الدوم أكثر انتشارا. وبعد خمس ساعات يبدأ ممر وعر يخترق الجبل ، ويدعى
عقبة جبل دوشة. وقد استمتعت من قمته بمنظر بديع لمجرى النهر فى الجنوب ، ولكن
شطئانه الخضراء الضيقة تكاد تضل فى هذه الفيافى الصخرية الشاسعة التى تمل العين
صخورها الجرداء المقفرة فتلتمس مياه النهر الزرقاء ، ولكنها لا تجدها إلا بعد عناء
لأن مجرى النهر كثيرا ما تخفيه الجزائر فلا يبدو منه إلا بعضه. وبعد سبع ساعات
هبطنا من الجبل إلى وادى أمبقول. وبعد ثمانى ساعات صادفنا جنادل يجرى عندها النهر
فى غير هوادة قافزا فوق الصخور دافعا مياهه المرغية المزبدة مئات الأقدام. على أنك
لن تجد فى هذه الجهة ما يمكن أن تسميه شلالا بمعنى الكلمة. وكل هذه الجنادل شبيهة
بجنادل أسوان ، ولكن الصخور تخنق النهر هنا أكثر مما تخنقه فى أسوان. وهو يجرى
مجراه كله فى بطن الحجر بسرعة فائقة تتعذر معها الملاحة. وبعد تسع ساعات وقفنا
بكوخ من أكواخ عرب أم شريف.
٩ مارس ـ تقوم
جبال عالية إلى الشرق من أمبقول ، وإلى الجنوب منها تنخفض السلسلة الشرقية. ويبدو
أن جبال أمبقول هى أعلى قمم بطن الحجر قاطبة. وكان طريقنا يلتزم ضفة النهر تارة ،
ويخترق الصخور تارة أخرى. ولم أر فى هذا