وأشراف بطن الحجر شديد والسمرة ، وقسماتهم جميلة وأجسامهم بديعة. ويمشى رجالهم ونساؤهم عراة ، ولكن النسوة يلبسن تمائم من الجلد حول أعناقهن ، ودمالج وأسوار من نحاس وحلقانا من فضة ، وبتكلم معظم القوم قليلا من العربية ..
٨ مارس ـ ارتقينا من سرس جبلا عاليا. وتتغير طبيعة الصخر هنا ، وقد كان حجرا رمليا حتى وادى حلفا ، فأصبح العنصر الغالب عليه الآن هو الحصى الأشهب grauwacke والحجر الأخضرgrunstein. وتنتشر هذه الصخور الأولية فى كل أنحاء بطن الحجر. وفى الجبل الواقع خلف سرس صخور جرانيتية وصخور هائلة من المرو (الكوارتز) ، كذلك تجد طبقات من المرو تعترض الصخور الخضراء فى كل مكان. وعلى ثلاث ساعات أو أربع إلى الشرق من طريقنا تمتد سلسلة عالية من الجبال محاذية لمجرى النهر ، ويطلق عليها اسم جبل بلنكو وهى غير مأهولة. وتهطل عليها أمطار الشتاء بانتظام ، وتظل المياه فى الشقوق والأغوار طوال الصيف. وبعد ساعتين ونصف بلغنا سهلا على قمة الجبل يدعى عقبة البنات وفى هذه البقعة ابتكر الخبراء العرب طريقة فذة يبتزون بها عطاء صغيرا من المسافرين الذين يصحبونهم فى هذه الجبال ، ذلك أنهم يترجلون فى أماكن معلومة فى عقبة البنات يسمونها قبضة أو مقبضة ، ويسألون المسافر عطاء ، فإن أبى جمعوا كومة من الرمل وشكلوها على هيئة قبر صغير ، ووضعوا عند كل طرف من طرفيه حجرا ، ثم قالوا للمسافر إن قبره قد أعد ، وهم يعنون بذلك أنه لن يكون بعد اليوم فى مأمن أثناء سفره فى هذه المفازة الصخرية. ويؤثر معظم المسافرين دفع مبلغ تافه عن أن يروا قبورهم تمهد لهم أمام أعينهم ، ومع ذلك فقد رأيت قبورا بهذا الوصف مبعثرة فى السهل. ولما كنت راضيا عن دليلى ، فقد نفحته بقرش قنع به وسكت. والصخور الرئيسية على السفح الجنوبى لعقبة البنات من الشست الميكى والكلوريت ، ويصادف المرء عند قاع الجبل ناحية وادى أتيرى صخورا من الحجر السماقى البديع. ولم أر غير أنواع قليلة من السماقى الأخضر تتخللها