ولم أر شبيها لبطن الحجر ووديانه إلا الطريق المحاذى للنيل من أسوان إلى الشلال الأول ، فالساحل الصخرى الذى امتاز به هذا الطريق ، وما تناثر عليه هنا وهناك من شريط الأرض الزراعية الضيق ، تجده بعينه على طول بطن الحجر ، من وادى حلفا إلى سكوت.
وعلى مسيرة ساعتين ونصف يقع وادى مرشد. وتفصل الوديان المناطق الصخرية التى تكتنف النهر. وفى وادى مرشد يعود ظهور الجزائر العديدة فى النهر ، وعلى جزيرتين منها خرائب من اللبن ، وبرج قديم ، وأكواخ قليلة للعرب. وكان طريقنا من وادى حلفا إلى مرشد يتجه غرب الجنوب الغربى. والنهر بعد مرشد يخلو من الجزائر ، وتقل فيه الصخور ، ولكن مجراه يختنق ، وشطئانه ترتفع. ورميت حجرا فوصل إلى الضفة المقابلة. وبعد أربع ساعات ونصف بلغنا ست الحاجة ، وهى بقعة من الأرض صالحة للزراعة تكتنفها الصخور وفيها مساكن قديمة من اللبن. ولا يسكنها غير أعرابى عجوز يقيم فى كوخ بنى على ضريح الشيخة المدعوة بست الحاجة ، ويعيش على صدقة المسافرين. وقد وجدته ممددا على حصير وإلى جواره قلة ماء وإناء من الخزف ألقيت فيه حفنات من التمر. والنهر جنوب هذه المنطقة كثير المنعطفات. وترتفع التلال القائمة على الضفة الشرقية ارتفاعا مطردا ، حتى إذا بلغنا وادى سرس بعد ثمانى ساعات ونصف عادت فأصبحت سلسلة منتظمة من الجبال ، وعليها يمتد الطريق من وادى ست الحاجة. وقد أسرع بى دليلى الأعرابى الشيخ واستحثنى فى السير خشية أن يهاجمنا اللصوص من عرب الشايقية الذين لا يفتأون يجوسون الأرض ليكمنوا للمسافرين فى طريقهم. ولم نصادف فى الطريق إلا شراذم من الحجاج السودانيين ، أو التكارنه (واحدهم تكرورى) ، لا تزيد الجماعة منهم على خمسة أشخاص أو ستة. وهؤلاء الحجاج البواسل يقصدن دارفور من جميع أنحاء السودان [الغربى] ومنها يسيرون إما بطريق كردفان إلى سنار ، وإما رأسا إلى دنقلة. ومن النيل يسلك بعضهم طريق سوا كن ويعبرون البحر الأحمر إلى جدة ، ويتبع بعضهم طريق النيل مخترقين دنقلة والمحس ، ويؤذون فريضة الحج مع الحجاج