عشرين ضعفا من ثمن الخبز واللحم اللذين قدمهما الشيخ للقافلة. ولا يؤدى المسافرون ضرائب مباشرة هنا ، كذلك لا يؤدى أهل التاكة ضرائب فى سواكن.
وما وافى الرابع عشر من شهر يونيو حتى كان تجار القافلة قد باعوا كل ما يحملون من أقمشة قطنية وتبغ ، وانطلق بعضهم فى جماعة قليلة عائدين إلى قوز رجب. وقد وصل إلى علمنا أن البشاريين وصلوا فى نفر كبير غداة رحيلنا من المكان المقابل للقوز ، ولكنهم عادوا أدراجهم حين عرفوا مما خلفته القافلة من نيران خامدة ورماد بارد أننا فتناهم بزمان. وفى الليلة السابقة لرحيلنا عن التاكة انضم إلى القافلة عدد من أهل هذه الناحية بأحمال من الذرة. أما تجارنا فقد قايضوا على بضاعتهم كلها بالذرة ، ووسقوا إبلهم على قدر ما أطاقت. كذلك انضمت إلى القافلة جماعة كبيرة من الحجاج الزنوج ، فاجتمع لنا ما لا يقل عن ثلاثمائة من الإبل. وكان رحيلنا غاية فى الفوضى والاضطراب ، فقد قام أكبر شيوخ القافلة فى الرابع عشر ، وكان من رأينا أن نمكث بعده أياما ، وإذا الشيخ الذى ولى أمر القافلة من بعده يقوم فجأة ويوسق جماله. وكان من أثر هذه العجلة أن اضطر أحد رفاقى إلى ترك دين له بالقرية ، فخسر بهذا ما يعادل عشرين كيلة من الذرة. وقد تردد طويلا بين الرحيل مع القافلة أو التخلف عنها حتى يسترد دينه ثم ينطلق إلى سواكن فى قافلة تالية ، ولكن حذره تغلب فى النهاية على حبه للمال ، فانطلقنا فى الصباح الباكر من ١٥ يونيو ، وأحاط بنا أهل الدوار جميعا ـ قبل أن نرحل عنهم نهائيا ـ محاولين الحصول منا على بعض الهدايا الصغيرة. وكانوا طوال مكثنا عندهم يرهقوننا بطلب الهدايا ، لا سيما نساؤهم اللاتى لم يتركن حيلة ولا فنا من فنون الدلال إلا لجأن إليه لنيل مآربهن. وكانت أشدهن لجاجة وإلحاحا عروس حديثة العهد بالزواج ، وهى إحدى بنات عم شيخ الدوار. وكنت على يقين من أنها فى قرارة نفسها تحتقرنى وتسخر منى ، ولكنى لم أتمالك نفسى من الإعجاب بدهائها وملقها وهى تحاول بالإشارة أن تقنعنى بأنها تهيم بى حبا ، وأن تفهمنى أنها لن ترد لى طلبا إذا أعطيتها حفنة من القرنفل. ولعل قومها كانوا يعلمون أنها إنما تخادعنى للظفر منى بشىء ثمين ، وعلى ذلك كان