فى طريق غير مستقيم. وكثيرا ما يسلك الحجاج الزنوج هذا الطريق. وقد أحاطنى علما بهذه المسافات رجل من دار صليح قام بالرحلة مع غلام ولم يكن لهما فيها دليل. وقد أحسن عرب عمران معاملة الرجل ، ومن خيامهم اتجه صوب منان مخترقا الصحراء ولا دليل له إلا نجوم السماء. وروايته ـ فى اعتقادى ـ موثوق بها. وإنى أسوق إلى القارىء فيما بلى ما سمعت عن الطريق إلى راس الفيل ، ولكنى لست مقتنعا بدقته اقتناعى بدقة الرواية الأولى.
يقطع المسافر بعد مغادرته آخر قرى الحلنقة مرحلة واحدة طويلة تبلغ به عرب الفحارة ، ومن هناك يسير يوما ونصف يوم إلى وادى عمران ، ثم يوما إلى عبابة ، ثم يومين إلى راس الفيل على الطريق بين سنار وغندار. وعلى مسير ثلاثة أيام من عرب عمران ـ صوب القوز على عطبرة ـ قرية كبيرة للشكرية تدعى قباريب قيل لى انها فى اتساع شندى ، وكثيرا ما سمعت القوم فى التاكة يرددون اسمها فى أحاديثهم.
وبين الحلنقة والحبش عداء شديد ، ولا يذكر الحلنقة الحبش إلا ألصقوا بهم نعتا من النعوت المعيبة ، وأهونها الكفر. وسمعت فى الصعيد وفى بربر أن القوافل تقوم أحيانا من الحلنقة إلى مصوع. وروى لى بعد ذلك تجار مصوعيون فى جدة أن الحلنقة يذهبون إليها أحيانا ليعرضوا أبقارهم للبيع ، ولكنى لم أسمع إبان وجودى بالتاكة بمثل هذه التجارة. وبين الحلنقة وأحباش إقليم وقات روابط تجارية ضعيفة. ولو أنى وجدت الرحلة إلى مصوع ميسورة لما ترددت فى القيام بها ، لأنى رأيت هذا الإقليم غاية فى الطرافة ، ولأننى كنت فى هذه الحالة أمر بالقبائل الكثيرة التى هى همزة الوصل بين الحبش والعرب ؛ وكلها قبائل ذات عادات غريبة جدا. بيد أنى ـ وقد بلوت من خلق أهل التاكة ما بلوت ـ لم أر بصيصا من الأمل فى إمكان المحافظة على بضاعتى القليلة لو أننى افترقت عن رفاقى التجار السواكنية. وقد أيقنت ـ لما خبرت من معاملة هؤلاء القوم للغريب ـ أننى لا