جلب الريفيون إلى السوق سلعا أخرى بالإضافة إلى الماشية ، منها الحصر والسلال المختلفة المصنوعة من الجريد وسعف الدوم الذى يكثر فى الوديان الصحراوية شمالا وشرقا ، والقدور من الفخار للطهو ، وأباريق الوضوء التى يشتريها السواكنية ويحملونها إلى الحجاز. وكل زنجى أو حاج فقير يحمل منها إبريقا لوضوئه اليومى ، ورحال الإبل ، والحبال من السّمار ، والجلود ، والقرب ، والدجاج الذى تراه فى أرجاء النوبة كلها ، ولحم الجمل المجفف (أما السمن فلم يكن من سبيل للحصول
عليه لبعد الشقة بيننا وبين القطعان) ، وفاكهتا اللالوب والنبق ، ويصنعون من النبق ضربا من المربى طيب المذاق ، والتاما ـ وهى قشر شجرة شبيهة بالقرفة التى رأيتها فى شندى سواء فى شكلها أو طعمها أو الأغراض التى تستعمل فيها ، وتسمى الباسنيا فى الجبال الواقعة جنوب الحلنقة ـ ، والصمغ العربى ، والقرض ـ وهو تمر السنط الذى يدبغ به الجلد ـ ، والملح المجلوب من سواكن وهو سلعة هامة ، وريش النعام الأسود المأخوذ من أنثاه ، أما الريش الأبيض فيباع سرا لتجار سواكن. وفى السوق حدّادون ، فترى العبد ينفخ بالمنفاخ بينما يعكف سيده على إصلاح المدى ورءوس الحراب والقيود الحديدية التى يربطون بها فى الليل قائمتى الجمل الأماميتين.
وأهم ما يبيعه التجار الأجانب التبغ سواء منه ما جلب من سنار أو من العجم واليمن. وهذا الأخير يسمى تبغا سودانيا فى هذه النواحى ، وهو بعينه التبغ ذو الأوراق الصفراء الذى يسمونه قى الحجاز ومصر تمباكا ، والذى يدخنه الشرقيون فى النارجيلة. ونظرا لما يمتاز به التبغ السنارى من قوة وحرارة يفضله القوم فى التاكة لا سيما فى صناعة النشوق الذى يكلفون به أشد الكلف ، وبحضرونه بخلط النطرون أو الملح بالتبغ المسحوق. وليس منهم رجل أو امرأة يسير بغير وعاء صغير فى حجم بيضة الإوزة يحمل فيه نشوقه. كذلك يبيع التجار السواكنية النطرون الذى يجلبونه من شندى ، والتوابل بكافة أنواعها ـ ويقبل على شرائها الحلنقة إقبالا عظيما لا سيما القرنفل ـ وكذلك يبيعون اللبان والخرز