ولغتهم وطباعهم وعاداتهم. وهم أشد قبائل التاكة الأربع بأسا ، أما أضعفها فالملكناب. وكل هذه القبائل تشتغل بالزراعة حينا وبالرعى حينا ، ولكل قبيلة قريتان كبيرتان فى الصحراء على حدود الأرض الزراعية التى لا تخلو قط من بعض السكان ، والتى يعود إليها السكان جميعا فى موسم الأمطار ، اللهم إلا نفرا منهم يقومون على الماشية فى الصحراء. فإذا انحسر الماء انتشر البدو فى الأرض يتخيرون المرعى الطيب فتضرب فيه الجماعة دوارها ولا تفتأ متنقلة من شهر إلى شهر حتى يجف الكلأ وتحرقه حرارة الشمس ، وفى غضون ذلك يزرع ساكنو القرية الأرض الملاصقة للصحراء. والدوار أكواخ من الحصير كتلك التى يقيمها أهل عطبرة ، وإلى هذه أكواخ قليلة ذات جدران من الطين ، وهى شبيهة بأكواخ الوادى ولكنها دونها حجما. على أن أكثرهم ـ حتى من سكن منهم القرى ـ يفضل تعريشة فى الخلاء عن سكنى هذه الأكواخ المقفلة. وغير هذه القرى التى وصفت قرى أخرى فى الأقاليم الخصبة بنيت على بقاع رملية منعزلة ترتفع قليلا عن مستوى الأرض العام كأنها الجزائر. وسألت هل فى التاكة مستنقعات أو برك كبيرة من الماء الراكد فقيل لا.
وكان بالمخيم الذى نزلناه مائة وخمسون خيمة إلى مائتين ، وهو أربعة دوارات يفصلها عن بعضها البعض سياجات أوطأ من سياج الشوك الكبير الذى يحيط بالمضرب كله. ورأيت فى كل مضرب بالتاكة ـ كما رأيت فى شندى وعطبرة ـ الكثير من مشارب البوظة وبنات الليل. وقد ألم بهن التجار السواكنية حتى أرفعهم قدرا فى عيون القوم. وخيل إلىّ أن هؤلاء النسوة كن أكثر حشمة ممن على شاكلتهن ببلاد وادى النيل ، فهن على الأقل لا يخرجن بالنهار إلا فيما ندر ، أما أولئك فتراهن يجلن فى المدينة فى كل وقت. ويلبس القوم ـ رجالا ونساء ـ اللباس النوبى المعروف ، أعنى القميص من الدمور والثوب منه يلقونه على أكتافهم. ولفتت نظرى عادة غريبة بين النساء هى لبسهن الخواتم من النحاس أو الفضة فى أصابع القدم ، ومنهن من ترتدى مئزرا من الجلد بدلا من قطعة الدمور التى تلفها النساء النوبيات على خصورهن. وهذه العادة منتشرة بين