إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان

رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان

رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان

تحمیل

رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان

309/392
*

بدو الحجاز أيضا. وفى الخيام يعلقن الحلى المختلفة من الودع الأبيض المجلوب من البحر الأحمر مختلطا بريش النعام الأسود. ونساؤهم سافرات ، ولا تجد المرأة غضاضة ولا حرجا فى لقاء رجل فى خيمتها ، ولا تحس عارا إذا رؤيت تتحدث معه فى غياب بعلها. على أن هذا لم يقع لى قط ، فكلما أقبلت على خيمة تلقانى النسوة بصيحات عالية وأشرن إلىّ بأيديهن أن أغرب عن وجوههن فورا. ولم يرعهن منى أكثر من لحيتى وشاربى ، ذلك لأن لحى البدو لا تطول ولا تغزر ، وهم يقصرون شواربهم لأن إرسالها عيب ، وهو إلى ذلك عنوان البذاذة كاللحية الطويلة عند الأوربيين.

ووجدنا فى كل قرية تقريبا رجلا أو رجلين أديا فريضة الحج ، وكانا يقومان بما يقوم به الفقهاء من مهام. هؤلاء الرجال وحدهم هم الذين يهتمون بإقامة شعائر الدين ، أما سائر القوم فأجهل الناس بشرائع الإسلام وتعاليمه. فهم من بعض الوجوه يقلبون هذه التعاليم رأسا على عقب ، فيأكلون مثلا دم الحيوان المذبوح بأن يضعوه على نار حتى يجمد ، وبعد ذلك يرشون عليه الملح ويصبون عليه السمن. وأفضل دماء الحيوان وأصلحها لهذا اللون من الطعام دم البقرة. وهذه الأكلة يعرفها أهل دارفور كما يعرفها أهل التاكة على ما علمت من الرقيق الدارفوريين. ولا يأكلون من اللحم نيئا غير الكبد أو الكلى ، وكذلك يأكلها بالملح البدو من الأعراب وأهل الشام. ومن ألذ الأشياء عندهم أكل نخاع البقر نيئا. وحين تكون ماشيتهم قرب مضاربهم ترى طعامهم لا يكاد يخرج عن اللبن لا سيما لبن الناقة. فإذا اجتمع منهم نفر وضعوا قدرا منه على الأرض وسطهم ثم أديرت عليهم القدر كل خمس دقائق تقريبا فيرشف منها كل منهم رشفة. فإذا فرغت ملئت ثانية ، وهكذا دواليك ما دام الضيوف موجودين.

وفى الهدندوة كسل مفرط ، فالرجال يكلون شئون البيوت لنسائهم وعبيدهم وينفقون سحابة نهارهم إما فى التسكع والزيارات الفارغة للجيران ، أو فى البيوت متكئين على العنقريب يدخنون الأعواد ويعاقرون الخمر حتى يثملوا بها قبل النوم. وهم فيما بينهم كرام أسخياء ، ولكنى لم أر أشح منهم ولا أبخل على الغريب ،