بدفع ثمن الماء الذى جلبوه لنا منها. أما الخبير فقد أولم له أقرباؤه وليمة نحروا فيها كبشا احتفاء به ، وأرسلوا من مائدتهم إلى جماعة التجار السود الذين كنت أساكنهم أرطالا من اللحم المشوى. وبعد هنيهة بعث شيخ الدوار عبده يطلب شيئا من القرنفل فلم نستطع رده لأنه كان من الواضح أنهم إنما طلبوه ثمنا للحم ، ولو بدرت هذه الخسة من بدوى فى صحارى العرب لو صمته هو وقبيلته كلها بالخزى والعار.
٦ يونيو ـ لم يشأ أصحابى أن يمكثوا مع الهندندوة أكثر مما مكثوا ، فإن صغر مخيمهم وبعده عن الأسواق لم يفسحا أمامهم المجال لبيع بضاعتهم. لذلك استأنفنا السير هذا الصباح ـ على رغم اعتراض الرئيس ـ وسرنا جنوب الجنوب الشرقى فوق سهول التاكة الخصبة ، وهذه السهول غنية فى كل أرجائها ولكنها غير مزروعة ، وفيها الشجر الكثير والعشب الموفور. وبعد أن سرنا فى الغابات ثلاث ساعات فى طريق طويلة بلغنا مخيما كبيرا عزمنا على أن نحط عنده ، واسم المخيم فريق ، ودخلناه من إحدى المنافذ المفتوحة فى السياج الكثيف العالى الذى تؤلفه الأغصان الشائكة ، وكل هذه المضارب تلفها الأشجار الكثيفة ، ثم ضربنا خيامنا فى الساحة المربعة. وكان لكثير من التجار أصحاب هنا فنزلوا فى خيامهم.
وظل التجار السود يلازم بعضهم بعضا. ولما كنت أعلم أننا سنمكث بهذا المكان بضعة أيام على الأقل فقد استأجرت بدويا لينصب لى تعريشة من الحصير أستظل بها ونقدته لقاء ذلك حفنة من التبغ. بلاد التاكة ـ بلاد التاكة أو القاسه كما يسميها أهلها أيضا ، معروفة فى هذه الأرجاء كلها بخصبها العظيم. وتنبسط جنوبا بشرق ، وطولها ثلاث مراحل طوال وعرضها مرحلة ، وأهلها كلهم قبائل تجمع بين البداوة وسكنى الحضر. وعلى مسيرة يوم إلى الجنوب الشرقى من مضرب الهندندوة المسمى فريق تبدأ مضارب لبدو يدعون الملسكناب ، وأبعد منهم ينزل بدو سقولو. وعلى مسيرة يوم من بدو الملكناب تبدأ قبيلة الحلنقة ، وهى عشيرتان عليا وسفلى ، وتبعد الأولى عن الثانية