مرحلة. والتاكة جزء من بلاد البجة (١) وتشمل مجرى عطبرة من قوز رجب ، وتمتد ـ على ما قيل لى ـ جنوبا حتى الجبال (وهى فى ظنى جبال الحبشة) ، أما فى الشمال فحدود البجة هى سلسلة جبال لنقاى ، وعلى ذلك تدخل فيها مفاور ونجاد كثيرة. ولكن التاكة نفسها أرض منبسطة تمام الانبساط ، أو قل أرض منخفضة تحدها الصحارى فى الشمال والغرب ، وتحدها من الجنوب الشرقى سلسلة جبال تدعى النقيب قيل لى إنها تمتد محاذية للبحر الأحمر. أما حدودها الجنوبية فلا أستطيع أن أفيد القارىء بمعلومات كثيرة عنها ، ولكنى أعتقد أنها إقليم تخترقه الجبال والوديان الخصيبة.
والفضل فى خصوبة التاكة وعمرانها راجع لما يغمرها من فيضان منتظم ، وهى حقيقة لا يخامرنى فيها شك ولو أنه استحال على استقاء المعلومات الدقيقة عن أسباب هذا الفيضان أو ملابساته. ففى أخريات يونيو ـ وقد يتأخر هذا إلى يوليو ، لأنه يبدو أن فصل الفيضان ليس له ثبات فيضان النيل (٢) ـ تتدفق على الإقليم السيول الغزيرة مقبلة من الجنوب والجنوب الشرقى ، فما هى إلا أسابيع (أو أيام ثمانية فى رواية بعضهم) حتى يغمر الماء الأرض كلها بطبقة يتفاوت عمقها بين القدمين والثلاثة. ويقال إن هذه السيول تتبدد فى السهل الشرقى بعد أن تفيض على الأرض ، ولكن الماء يظل فى التاكة فوق الشهر ، فإذا انحسر خلف وراءه طبقة غرينية سميكة شبيهة بما يخلفه النيل فى فيضانه ـ هذا إذا صدقت روايات من رووا ذلك لى ممن عرفوا النيل ، فاستطاعوا المقارنة بين النهرين. والثابت أن البدو يبذرون الحب على التربة الغرينية حال انحسار ماء الفيضان عنها دون تمهيد أيا كان. ويصحب الفيضان عادة أمطار غزيرة تبدأ قبيله ويشتد هطولها إذا بلغ الفيضان غايته. وقيل لى إن المطر تمهد له عواصف هوجاء عاتية تهب من الجنوب كل عشية عقب مغيب الشمس. ويطول هطول الأمطار أسابيع بعد الفيضان ، ولكنها لا تتصل ، بل تهطل منها الشآبيب الغزيرة فى فترات قصيرة. ويتزود أهل
__________________
(١) (والبجة سكانها يسمون بجاوا).
(٢) علمت من سواكن فيما بعد أن فيضان هذا العام بدأ حوالى ٢٦ أو ٢٩ يونيو.