لا عهد لى بها ، وكان طير منها شبيها فى حجمه وشكله بالشحرور ، وله ذيل طويل ذو خطوط بيض. ورأيت غربانا كبارا برقاب بيض. ويبدو أن البشاريين لم يكن فى لغتهم أسماء لهذه الطيور المختلفة. وأكل لحم الطير عندهم عار كبير ، وقد سمعتهم غير مرة ينعتون المصريين «بأكلة الطير» سخرية منهم وتهكما بهم. واستأنفنا السير فدخلنا الصحراء الرملية متجهين شرق الجنوب الشرقى. وفى العصر طارد التجار السواكنية ـ وقد ركبوا أخف هجنهم ـ وحشا رأوه من بعيد ، وكانوا يدعونه حمار الوحش. ولم يكن الوحش على قرب يتيح لى التحقق من شكله ، ولكنهم يقولون إنه فى حجم الضبع ، وإن له رأسا وذيلا شبيهين كل الشبه برأس الحمار وذيله ، وإنه بغير قرون. ويعرف أهل الصحارى العربية حيوانا يطلقون عليه هذا الاسم نفسه ، ولست أدرى على التحقيق أهو هذا الحيوان بعينه أم غيره. وكانت الأرض أنى اتجهت تحمل آثار أقدام غزلان لا حصر لعددها ، وبعض هذه الآثار لفصائل أكبر كثيرا مما عرض لى من شتى فصائل الغزلان. وبعد مسيرة أربع ساعات وقفنا بواد مشجر ، وكان هجير النهار لا يطاق. وأمطرتنا السماء فى الليل وابلا ، وكنت على طول الطريق أتبين شكل الكثبان الرملية والشجر فأرى الأدلة الواضحة على تعرض الإقليم للرياح الشرقية العاتية. ورأيت جبلا منعزلا عاليا فى السهل المشرق على أربع ساعات منا.
٣ يونيو ـ رأينا ونحن نقطع السهل هذا الصباح سرابا أزرق صافيا شبيها فى وضوحه وصفائه بما رأيت فى الصحراء بين مصر وبربر. وبعد مسيرة أربع ساعات إلى الجنوب بلغنا النهر ثانية تجاه قرية كبيرة هى قوز رجب ، وهو اسم عربى. وكانت الأرض على الضفتين جرداء قاحلة. وحططنا تحت أشجار من العشر كانت من الكبر بحيث أظلت القافلة كلها ، وكان فى نيتنا البقاء بهذا الموضع أياما لأن الحداربة كانوا يرون فى قوز رجب سوقا صالحة لبيع شطر من بضاعتهم. ولما دنونا من النهر رأيت على كثب تلين منفصلين يقومان متجاورين على السهل غير بعيد من النهر. وحين اقتربنا منهما أدهشنى أن أرى على قمة التل الأكبر بناء أثريا ضخما ، ولما كنت أشكو قصرا طبيعيا فى نظرى استفحل