أما التجار الذين يظن أنهم يحملون ذهبا أو يعرف عنهم هذا فتفرض عليهم ضريبة تعسفية ، وبديهى أن هذا الإجراء يثير منازعات كثيرة. وقد أديت عن بضاعتى كلها ثوبا ونصف ثوب من الدمور ، ولكن التجار السواكنية استاءوا من تشدد الشيخ وتعسفه أشد استياء وأنذروه بأنهم لن يعودوا قط من هذا الطريق. على أنه فى الواقع أسلم الطرق إلى سواكن ، فالصحراء فى هذه الناحية تسكنها قبائل صديقة للحداربة ولسواكن ، وقد علمت أن شيخ عطبرة مضطر إلى إشراك كثير من هذه القبائل فى الأموال التى يجبيها من القوافل. أما الطريق من سواكن إلى الدامر فيخترق مراعى تمتلكها قبائل بشارية قوية الشوكة معادية لسواكن ، فلا يستطيع عبوره من القوافل غير القوى القادر على رد الاعتداء. وفى الغد بعث الشيخ لكل طائفة من التجار طاجنا من عجين الذرة السائل وطرفا من البوظة. وكان على القافلة أن تنقسم إلى جماعتين بعد مبارحتها عطبرة ، تتخذ إحداهما طريق الصحراء إلى سواكن رأسا ، وتسلك الأخرى طريق التاكة. وينحرف الطريق الأول فى الأيام الثلاثة الأولى مشرقا عن اتجاه سواكن حتى يبلغ بئر قنقراب ثم ييمم صوب سواكن فى خط مستقيم مارا بثلاث آبار بين الواحدة منها والأخرى مسيرة يومين. وتستغرق الرحلة كلها عشرة أيام أو اثنى عشر ، والطريق حافل بالكلأ ، وتكثر مضارب البدو فى الوديان الخصبة التى تسقيها سيول الشتاء فينمو بعدها العشب النضر الغزير. أما الفريق الذى قصد التاكة فكان فى نيته أن يبيع فيها ما اشترى فى سنار من دمور وتبغ ، وكان بعضهم يريد العودة بعد ذلك توا إلى شندى ، على حين نوى بعضهم الآخر المضى قدما إلى سواكن. أما أنا فقد قررت أن أتخذ طريق التاكة ، وقد سرنى أن أرى رفقائى من التجار الزنوج يحذون حذوى ، فقد كان معهم كثير من العبيد ، وكانت جمالهم ضعيفة ، والماء فى طريق التاكة ميسور كل يوم.
٣١ مايو ـ سافر التجار القاصدون سواكن مساء أمس ، أما نحن فبكرنا فى السير مع عطبرة سالكين سهلا عرضه ميلان تكسوه أشجار الدوم والعشر التى ما زالت تقوم بينها جذور الذرة. ورأيت حللا منبثة بين أحراج السنط الكثيفة