جيدا قسمت الحقول مربعات صغيرة ـ مساحة كل منها عشر أقدام ـ رفعت حوافها لتحتفظ بالماء الذى تحمله إليها مساق جانبيه ضيقة. ثم تزرع الحقول ثانية شعيرا وفولا من نوع يدعى «كشر نقيق» وتبغا من أردأ الأنواع ، ولوبياء فرنسية (وأوراق هذه اللوبيا إذا سلقت كان منها حساء يستطيبه النوبيون). ولم أر القمح إلا نادرا. وعلى مقربة من الدر حقول يزرع فيها العدس والحمص والبطيخ. وعلى جرف النهر ـ وهو أشد من السهل رطوبة وأقل تعرضا للشمس ـ يزرع الترمس المر الذى لا يحتاج لرى. والترمس معروف فى مصر ، وهو المعروف عند الإيطاليين ب «اللوپينى». وينضج القمح والشعير فى منتصف مارس. وبعد حصاد الشعير فى نهاية إبريل تزرع الأرض أحيانا ذرة زرعة ثالثة ، وتروى بالسواقى. ويسمى هذا الزرع زرعا صيفيا ويكتمل نموه فى شهر يوليو ، ولكنه لا يكون إلا فى أخصب البقاع.
وتنمو على ضفاف النهر أنواع برية مختلفة من الأشجار الشوكية من فصيلة الميموزا (السنط) ، بالإضافة إلى النخل والدوم (١). كذلك تنمو شجيرات السنامكى القصيرة برية من إسنا إلى المحس فى كل مكان غمره الفيضان. على أن الناس قلما يفقهون مزايا هذه السنامكى ، ولا يستعملها غير الفلاحين الذين خبروا فوائدها الطبية. وتمتاز السنامكى الصعيدية على السنامكى النوبية والجبلية بكبر أوراقها. وبين الكثبان الرملية التى على الضفة الغربية تنمو أشجار الطرفاء ، وهى نفس الأشجار التى تحف بأطراف الفرات فى صحارى الجزيرة.
ولم أر من الحيوان فى رحلتى على ضفاف النيل فى النوبة إلا القليل. وماشية النوبيين البقر والضأن والماعز والجاموس أحيانا ، ويقتنى وجوه القوم الحمير ، والإبل قليلة إلا عند تجار السبوع ووادى العرب. وتوجد التياتل (الماعز الجبلى) فى الجبل الشرقى ، وقد رأيت منها تيتلا فى أسيوط ، ويسمونه «البدن» فى إقليم البطراء. وحدثنى عرب البشارية عن فصيلة من الأغنام البرية ذات القرون المستقيمة
__________________
(*) الدوم شجرة منتشرة فى مصر حتى دندرة شمالا