ونقيم في دار
الحفاظ بيوتنا
|
|
زمنا ويظعن
غيرنا للأمرع
|
فإنما تبجّح بحسن
صبره في دار المحافظة على العزّ والمنع عن الحريم ، إلّا أنه عد الظّعن عيبا يدل
على ذلك قوله من بعد :
يسيل تغر لا
يسرح أهله
|
|
اسقم يشار لقاؤه
بالإصبع
|
وأنشد الأصمعيّ :
إذا الجوزاء
أردفت الثّريّا
|
|
ظننت بآل فاطمة
الظّنونا
|
وهذا يحتمل وجهين
: يجوز أن يكون جمعهما المربع ، وكان ساكن النّفس لاستمتاعه بها وامتداد الوصال
معها ، حتى إذا رأى الجوزاء طالعة علم أنّها تظعن وينقطع ما بينهما ، فترجع إلى
بعض محاضرها ، لأنّ ذلك وقت الانصراف عن البدو ، فلذلك ظنّ الظّنون السّيئة لا
سيما وقد كان أبهم عليه منصرفها.
وأما أن يكون
مبدؤه كان مخالفا لمبدئها ، فهو لا يدري مقرّها ، لأنّهم ما داموا منتجعين فدارهم
حيث يصادفون الكلأ والماء فلمّا طلعت الجوزاء علم أنه لا بدّ لها من الحضور ، وقد
عرف لها محاضر شتّى ، فالظّنون تردّده بينهما وتخالجه فلا يتملّك متيقنا.
قال أبو ليلى :
يفارق القمر الثّريا في زمن الوسمي كله ، وهو شهران ، وشهر من الدفيء ثم تأفل
الثّريا أربعين ليلة شهرا من الدفيء وعشر ليال من الصّيف. ثم تطلع صلاة الغداة إلى
أن تأفل ثانية من العام المقبل.
قال أبو حنيفة :
وربّما اعتاد الحيان مبدأ بعينه ، فلا يزال الرّبيع يجمعهما فيه ثم يصرفهما الصّيف
ولذلك قال ذو الرمة شعرا :
إذا الصّيف قد
أجلى نساء من النّوى
|
|
أملت اجتماع
الحيّ في عام قابل
|
وقال أيضا وهو يصف
نساء أخرن الظّعن عن مرتعهنّ حتى تصيفن :
تصيّفن حتّى
اصفرّ أقواع مطرق
|
|
وهاجت لأعداد
المياه الأباعر
|
ولم يبق أنواء
الثماني بقية
|
|
من الرّطب إلا
بطن واد وحاجر
|
فلما رأين
الصّنع أسعى وأخلقت
|
|
من العقربيات
الهيوج الأواخر
|
جذبن الهوى من
سقط حوضي بسدفه
|
|
على أمر ظعان
دعته المحاضر
|
نسب بوارح هذا
الزمان إلى سقوط رقيب الهقعة ، لذلك قال : الهيوج الأواخر وقد أكثر الشّعراء في
إشراط هذه الأوقات التي حدّدناها بما ذكرنا من أوصافها وبيّنا كثيرا من أحوال
الحاضرين والبادين فيها وفي القدر الذي أوردناه كفاية.