الباب الحادي والثلاثون
في السّحاب وأسمائه وتحلّيه بالمطر وهو فصلان
فصل
قال الله تعالى في ذكر ما عدّد من نعمه على خلقه فيما نصبه من الأدلة على وحدانيته في خلق السّماوات والأرض ، واختلاف الليل والنّهار فقال تعالى : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٦٤] والمراد أنّ في تعاقب الظلم والأنوار وما ينشئه تعالى جدّه من أنواع السّحاب بين السّماء والأرض وينزّله من الأمطار ويخرجه من النّبات أعظم الأدلة على حدوثها لما فيها من إحكام الصّنعة وثباتها على ما ثبت عليه من العبرة ، إذ لا تفاوت فيها ولا اضطراب ، ولا تناقض ، ولا فساد فمن تدبّرها وتأمّل الأحوال التي تعتورها من الحركة والسّكون ، والزّيادة والنّقصان ، والانكشاف والتروية والإقلاع ، أدّاه الاعتبار إلى أنّه واحد ليس كمثله شيء ، تعالى الله عما يقول الظّالمون علوا كبيرا.
وروي في الحديث : «السّحاب غربال المطر ، لو لا ذلك لتهدّم البنيان» ويقال : سحاب ، واحده سحابة ومثله الغيم والغيوم. ويقال ذلك في القليل والكثير والغمام والواحدة غمامة وهي الغراء البيضاء والجمع غر وبيض.
ويقال : المزن والواحدة مزنة. ومنها الغماء وهي السّحابة السّوداء.
ومن دلائل الغيث أن يتقدّمه هبوب المبشّرات ثم يكون النّشأ من قبل العين فيحسن خروجه والتئامه. ثم استكشافه حتى لا ترى فتقا ، وذلك التطخطخ ويسد الآفاق. ثم يكفهرّ ويرجح فيتدانى ويستأرض أركانه ويتمكّن رجاءه وتنوس هيادبه ، وتهمى أكفته ، ويتعلق ريانه ، ويتدحى عفا يده ويحمومي. ثم يصحار ويرج الرّعد رجا. ويتمّ البرق أتاما ، وهو الوكيف من البرق. ثم ينفل ولا يزدهيه الرّيح حتى يتحيّر ويلين رعده ، وبرقه يتعاون عليه