لا أدلج اللّيل ولكن أبتكر
ويقال : ليلة
وليال فكأنها جمعت على ليلات وإن لم يستعمل ومثله أهال في جمع أهل وإنما هو في
تقدير أهلي ، وعلى هذا قالوا في التّصغير ليلة والقياس في جمع ليلة ليلاء ليال ليل
والأصل لول لأنه فعل مثل حمراء وحمر ، لكنّهم حاموا على الياء لئلا يلتبس بنات
الياء ببنات الواو ، ومثله قولهم بيض وعين في جمع بيضاء وعيناء وما أنشده الكسائي
من قول الكميت :
ولدنك والبدر
ابن عائشة التي
|
|
أضاء ابنها
مستحلكات اللّيايل
|
فإنه أراد
اللّيالي ، فقلب ، وقدم الياء فلما وليت الألف همزت كما قيل : صحايف ومثله فيما
قلبوه ترقوة وترائق والأصل تراقي.
واعلم أنّهم
يتوسّعون في ذكرهم اليوم ، واللّيلة ألا تراهم يقولون : فلان اليوم يعد من الرؤساء
وكان في الدّهر الأول على كذا ، واليوم هو خلافه ، وإنما يعنون الزّمان وكما قال
تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ
مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [سورة السجدة ،
الآية : ٥] يعني القيامة ، وليس ما أشار إليه من صورة ما نعدّه في شيء وقال
الشّاعر :
يومان يوم
مقامات وأندية
|
|
ويوم سير إلى
الأعداء تأويب
|
فقسم دهره يومين ،
ويقال : الناس أغراض اللّيالي ويراد الأحداث ومثله من الذي يسلم على الليالي
والأيام فأما قوله تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ
يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً) [سورة الأنفال ،
الآية : ١٦] فاليوم يعم أجزاء اللّيل والنّهار ، والزّجر به حاصل في كل جزء من
أجزاء الزّمان وعلى هذا قوله :
يا حبذا العرصات
|
|
يوما في ليال
مقمرات
|
يريد وقتا وزمانا
في ليال وكذلك قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ
نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) [سورة آل عمران ،
الآية : ١٤٠] أي نجعل الدّول في الأزمان فتحول وتنقل بين الناس على حسب استحقاقهم
أو سببا لامتحانهم. وقد سمّت العرب وقعاتها أياما فيقولون لنا : يوم كذا ويوم كذا
، وساغ ذلك لوقوعها فيها.
فصل آخر
يقال : اللّيلة
لليلتك التي أنت فيها ، والبارحة لليلة يومك الذي أنت فيه ، وقد مضت
__________________