ولما استخلف المأمون [رحمه الله](١) أغزى الصغد وأشروسنة ، ومن انتقض عليه من أهل فرغانة الجند ، وألح عليهم بالحروب ودعاهم الى الاسلام. وكان كاوس ملك أشروسنة ، كتب الى الفضل بن سهل ، وزير المأمون وهو بخراسان يسأله الصلح على مال (٢) يؤديه ، على أن لا يغزي بلده فأجابه المأمون الى ذلك ، فلما قدم مدينة السلام ، امتنع كاوس من الوفاء بالصلح ، وكان لابنه كيدر بن كاوس قصد ، استوحش معها من ابنه ، فصار الى مدينة السلام ووصف للمأمون سهولة الامر في اشروسنة وهون عليه ، ما يهوله الناس من حالها ووصف له طريقا مختصرا اليها ، فوجه المأمون أحمد بن خالد الاحول الكاتب ، في جيش عظيم لغزوها فلما بلغ كاوس اقباله بعث الى الترك يستنجدهم فأنجدوه بالدهم منهم ، وأخذ أحمد بن خالد على الطريق الذي بعثه كيدر ، حتى قدم اشروسنة وأناخ على مدينتها قبل قدوم [بمن](٣) أمده ملك الترك بهم ، فلما رأى كاوس ذلك ، أسقط في يده ، وخرج مستسلما باضعا (٤) بالطاعة ، وورد مدينة السلام فملكه المأمون على بلاده ، ثم ملك الافشين ابنه [حيدر](٥) بعده ، وكان المأمون يكتب الى عماله [عن خراسان](٦) ، أن يغزوا من لم يكن على الاسلام من أهل ما وراء النهر ، ويفرض لمن أراد الفرض من أهل تلك النواحي ، وأبناء ملوكهم ، ويستميلهم بالترغيب ، فاذا وردوا بابه ، شرفهم وأسنى أرزاقهم وصلاتهم.
__________________
(١) ليست في س ، ت.
(٢) في الاصل ، س : ما يؤديه.
(٣) في الاصل : بن.
(٤) باضعا : أي صاغرا.
(٥) ليست في الاصل واضيفت حتى يستقيم المعنى.
(٦) ليست في الاصل ، واضيفت حتى يستقيم المعنى.