يرتشي دينارا ولا درهما ، فقال له عمر بن عبد العزيز : أنا أدلك على من هو شر من أسامة ولا يرتشي دينارا ولا درهما ؛ قال : من هو؟ قال : عدو الله إبليس ، فغضب سليمان وقام من مجلسه ، فلما توفي أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك وولي عمر بن عبد العزيز وجه في عزل أسامة قبل دفن سليمان وولي حيان بن شريح ، وأمره أن يحبس أسامة في كل جند ستة أشهر ، وأسامة بنى المقياس القديم.
وكتب المنصور إلى محمد بن سعيد : وكان يلي خراج مصر يستحثه بالخراج ، فكتب إليه يشكو اختلالها ، وأنها تحتاج إلى إنفاق فإنها ترد أضعاف ما ينفق فوافق ذلك خروج بن الحسن فكتب إليه :
لا تكسع الشول بأغبارها |
|
إنك لا تدري من الناتج |
فزاد ذلك في انكسارها واختلالها.
وذكر أن عمرو بن العاص رضياللهعنه قال للمقوقس : ويحك إنك قد وليت هذا المصر ثلاثين سنة ، فبم تكون عمارتها؟ قال : بخصال ؛ منها أن تحفر خلجها وتسد جسورها وترعها ، ولا يؤخذ خراجها إلا من غلتها ، ولا يقبل مطل أهلها ، ويوفى لهم بالشروط ، وتدر الأرزاق على العمال ، لئلا يكون تأخيرها سببا للارتشاء ، ويرفع عن أهلها المعاون والهدايا ، ليكون ذلك لهم قوة ، فبذلك تعمر ويرجى خراجها.
مناظر مصر وجمالها
وأما ما يعجب من رونق منظرها ، فذكر عن كعب الأحبار أنه قال : من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة ، فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وغذا أزهرت ، وإذا اطردت أنهارها ، وتدلت ثمارها ، وفاض خيرها ، وغنت طيرها.
وعن عبد الله بن عمرو قال : من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها ، ويزهر ربيعها ، وتكسى بالنوار أشجارها وتغنى أطيارها.
وقال المأمون لإبراهيم بن تميم : صف لي مصر حين تخضر زروعها ، ويزهر ربيعها ، وتكسى بالنوار أشجارها ، وأوجز. قال جحفلة : الفرس في الربيع ، وعجزه في الرمل. يريد أنها برية بحرية يرتع الفرس في الربيع ، ويبرد في بروده.
وذكر أهل مصر أن موسى بن عيسى الهاشمي وكان أمير مصر ، قال لهم يوما وهو بالميدان الذي في طرف المقابر : أتتأملون ما أرى؟ قالوا : وما يرى الأمير؟ قال : أرى ميدان رهان ، وجنان نخل ، وبستان شجر ومنازل سكنى ، وذروة جبل ، وجبان أموات ، ونهرا عجاجا ، وأرض زرع ، ومرعى ماشية ، ومرتع خيل ،