فضل مقبرة مصر
وأما فضل مقبرتها فذكر أهل العلم أن الطور من المقطم وأنه داخل فيما وقع عليه القدس في قوله تعالى : "وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا". وقال تعالى : "إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً".
قال كعب : كلم الله تعالى موسى من الطور إلى أطراف المقطم من القدس ، وقال تبيع : منازل الفسطاس في القدس.
وروى أن موسى عليهالسلام سجد ، فسجدت معه كل شجرة من المقطم إلى طوى.
ويروى أنه مكتوب في التوراة : وادي فتح مقدس جديد يعني وادي مسجد موسى عليهالسلام بالمقطم عند مقطع الحجارة ، وأن موسى عليهالسلام كان يناجي ربه بذاك الوادي.
وروى أسد بن موسى قال : شهدت جنازة مع ابن لهيعة ، فجلسنا حوله ، فرفع رأسه ، فنظر إلى الجبل ، فقال : إن عيسى بن مريم عليهالسلام مر بسفح هذا الجبل ، وعليه جبة صوف ، وقد شد وسطه بشريط ، وأمه إلى جانبه ، فالتفت إليها وقال : يا أماه هذه مقبرة أمة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وبينما عمرو بن العاص يسير في سفح المقطم ومعه المقوقس ، فقال له عمرو : ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات كجبال الشام ، فلو شققنا في أسفله نهرا من النيل وغرسناه نخلا؟ فقال المقوقس : وجدنا في الكتب أنه كان أكثر الجبال أشجارا ونباتا وفاكهة ، وكان يترله المقطم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليهالسلام ، فلما كانت الليلة التي كلم الله تعالى فيها موسى عليهالسلام ، أوحى إلى الجبال ؛ إني مكلم نبيا من أنبيائي على جبل منكم ، فسمعت الجبال كلها وتشامخت ، إلا جبل بيت المقدس ، فإنه هبط وتصاغر ، فأوحى الله تعالى إليه لم فعلت ذلك؟ وهو به أخبر ، فقال : إعظاما وإجلال لك يا رب! قال : فأمر الله الجبال أن يحيوه ، كل جبل مما عليه من النبت ، وجاد له المقطم بكل ما عليه من النبت حتى بقى كما ترى ، فأوحى الله تعالى إليه إني معوضك على فعلك بشجر الجنة أو غراسها ، فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنهما فكتب إليه : إني لا أعلم شجر الجنة أو غراسها لغير المسلمين ، فاجعله لهم مقبرة ، ففعل ، فغضب المقوقس من ذلك ، وقال لعمرو : ما على هذا صالحتني! فقطع له عمر قطيعا نحو بركة الحبش يدفن فيه النصارى.
وروى عبد الله بن لهيعة عن عياش بن عباس أن كعب الأحبار سأل رجلا يريد السفر إلى مصر ، فقال له : أهد لي تربة من سفح مقطمها ، فأتاه منه بجراب ، فلما حضرت كعبا الوفاة أمر به ففرش في لحده تحت جنبه.