البصرة فتفاخروا فجاءوا إلى أيوب بن سليمان فقالوا : احكم بيننا؟ فقال : ما كنت لأحكم بحضرة أمير المؤمنين ، ولكن اكتبوا ما تحتجون به ويحتجون به ، ويدخل الرقعة على أمير المؤمنين فيحكم فيها. فأجلس لهم كاتب ، فقيل لأهل الكوفة ، من أحلمكم؟ فقالوا : شبث بن ربعي التميمي ، فقيل لأهل البصرة : من أحلمكم؟ قالوا : الأحنف بن قيس ؛ قيل لأهل الكوفة : من أسخاكم؟ قالوا : عتاب بن ورقاء ، قيل لأهل البصرة : من أسخاكم؟ قالوا : طلحة الطلحات ؛ قيل لأهل الكوفة : من أشجعكم؟ قالوا : إبراهيم الأشتر ، قيل لأهل البصرة : من أشجعكم؟ قالوا : عباد بن الحصين. فوقع سليمان في الرقعة : الأحنف أحلم الرجلين ، وطلحة أجود الرجلين ، وأشد العرب والعجم والجن والإنس عباد بن الحصين.
قال : أخبرنا الشيخ الإمام أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد الشبيبي قال : أخبرنا الشيخ أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد الشاهيني قال : أخبرنا الحافظ أبو سعد عبد الرحمن بن محمد ابن محمد الإدريسي قال : حدثنا محمد بن علي بن يحيى بن معاذ السمرقندي قال : حدثنا عمرو ابن محمد الأنصاري قال : حدثنا محمد بن زكريا قال : حدثنا العباس بن بكار قال : حدثنا عيسى ابن يزيد قال : خرج أبو الأسود الدؤلي إلى طلحة الطلحات وهو على سجستان ، فأقام ببابه أياما لا يؤذن له عليه ، فلما طال ذلك عليه ، كتب إليه بأبيات من شعر قالها :
ورد السقاة المعطشون فأنهلوا |
|
ريّا وطاب لهم لديك المكرع |
ووردت بحرك طاميا متدفقا |
|
فرددت دلوي شنّها يتقعقع |
وأراك تمطر جانبا عن جانب |
|
ومحلّ بيتي من سمائك بلقع |
ويزيدني طمعا إلى ما أرتجي |
|
من قد وصلت وأيّ نيل يشبع |
فأذن له فدخل عليه وفي يد طلحة حجران يقلبهما ، فقال : يا أبا الأسود! اختر أحد هذين أو عشرين ألف درهم؟! فقال : أصلح الله الأمير ما كنت لأختار حجرا على عشرين ألف درهم ، فأمر له بعشرين ألف درهم ، فلما قبضها قال : إن رأى الأمير أن يعطيني أحد الحجرين ، فليفعل ، فرمى إليه بالحجرين جميعا ، وقال : لا تخدعنّ عنهما يا أبا الأسود ، فقد أعطيت بهما مائة ألف درهم. فقدم بهما العراق فباعهما بمائة ألف درهم.
قال : ورأيت في تاريخ السّلّامي أن سلم بن زياد كان والي خراسان في زمن يزيد بن معاوية ،