وأما الذين نفوها : فأسامة بن زيد ، والفضل بن العباس ، وأخوه عبد الله ، رضى الله عنهم.
وأما ترجيح رواية من أثبت صلاة النبى صلىاللهعليهوسلم فى الكعبة على رواية من نفاها : فلإثباته ما نفاه غيره ، وفى مثل هذا يؤخذ بقول المثبت.
وقد أشار إلى الترجيح بذلك جماعة ، منهم : النووى ، رحمهالله.
وأقرب ما قيل فى الجمع بين الاختلاف فى إثبات صلاة النبى صلىاللهعليهوسلم فى الكعبة ونفيها ، أن النبى صلىاللهعليهوسلم صلى فى الكعبة لما غاب عنه أسامة من الكعبة لأمر ندبه إليه ، وهو : أن يأتى بما يمحو به الصور التى كانت فى الكعبة ؛ لأن فى مسند الطيالسى ـ من حديث أسامة بن زيد ـ : أنه أتى إلى النبى صلىاللهعليهوسلم بدلو من ماء ، فجعل يمحو به الصور ، وإسناد الطيالسى فيه تقوم به الحجة ، فلذلك كان هذا الوجه أقرب ما قيل فى الجمع بين هذا الاختلاف.
ويجمع أيضا بين حديث بلال والفضل بمثل هذا الجمع ؛ لأن النبى صلىاللهعليهوسلم بعث الفضل ـ بعد دخوله معه إلى الكعبة ـ ليأتيه بماء يطمس به الصور التى فى الكعبة ، على ما قيل ، فصلى النبى صلىاللهعليهوسلم فى غيبته.
وهذا رويناه فى تاريخ الأزرقى عن عبد الحميد بن أبى رواد عن الزهرى (١).
وحديث بلال أرجح من حديث عبد الله بن عباس ـ رضى الله عنهما ـ ؛ لأن بلالا رضى الله عنه شهد صلاة النبى صلىاللهعليهوسلم فى الكعبة ، وابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ لم يشهدها ، وإنما اعتمد فى نفيها على أخيه ، وأسامة ـ رضى الله عنهما ـ ، والله أعلم.
[عدد دخول النبى صلىاللهعليهوسلم الكعبة]
وأما عدد دخوله صلىاللهعليهوسلم إلى الكعبة بعد هجرته : فروينا فيه أخبارا يتحصل من مجموعها دخوله إليها أربع مرات : يوم فتح مكّة ، وهذا لا ريب فى صحته.
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٦٥.