قال : فما بال اقتراحكم على رسول الله صلىاللهعليهوآله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلّت على صدقه ، بل لو تعاطاها لدلّ تعاطيها على كذبه لأنّه يحتجّ بما لا حجّة فيه ، ويختدع الضعفاء عن عقولهم وأديانهم ، ورسول ربّ العالمين يجلّ ويرتفع عن هذا.
ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عبد الله وأمّا قولك (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) فإنّك قلت : وإن يروا كسفا من السّماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم ، فإنّ في سقوط السّماء عليكم هلاككم وموتكم ، فإنّما تريد بهذا من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يهلكك ، ورسول ربّ العالمين أرحم بك من ذلك ، لا يهلكك ولكنّه يقيم عليك حجج الله ، وليس حجج الله لنبيّه وحده على حسب اقتراح عباده ، لأنّ العباد جهّال بما يجوز من الصلاح وما لا يجوز منه من الفساد ، وقد يختلف اقتراحهم ويتضادّ حتّى يستحيل وقوعه ، والله عزوجل طبيبكم ، لا يجري تدبيره على ما يلزم به المحال.
ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحهم؟ وإنّما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه ؛ أحبّه العليل أو كرهه ، فأنتم المرضى والله طبيبكم ، فإن أنقدتم لدوائه شفاكم ، وإن تمرّدتم عليه أسقمكم.
وبعد ؛ فمتى رأيت يا عبد الله مدّعي حقّ من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكّامهم فيما مضى بيّنة على دعواه على حسب اقتراح المدّعى عليه؟ إذا ما كان يثبت لأحد على أحد دعوى ولا حقّ ، ولا كان بين ظالم ومظلوم ولا بين صادق وكاذب فرق.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : يا عبد الله وأمّا قولك «أو تأتي بالله والملائكة قبيلا يقابلوننا ونعاينهم» فإنّ هذا من المحال الّذي لا خفاء به ، وإنّ ربّنا عزوجل ليس كالمخلوقين يجيء ويذهب ويتحرّك ويقابل شيئا حتّى يؤتى به ، فقد سألتم بهذا المحال ، وإنّما هذا الّذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة الّتي لا تسمع ولا تبصر ولا تعلم ولا تغني عنكم شيئا ولا عن أحد.