قال عليّ بن محمّد الهادي عليهالسلام : وأمّا كلام الذئب بإعجاز النبيّ صلىاللهعليهوآله فإنّ رسول الله كان جالسا ذات يوم إذ جائه راع ترتعد فرائصه قد استفزعه العجب ، فلمّا رآه من بعيد قال لأصحابه : إنّ لصاحبكم هذا شأنا عجيبا ، فلمّا وقف قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : حدّثنا بما أزعجك؟ قال الراعي : يا رسول الله ، أمري عجيب ، كنت في غنمي إذ جاء ذنب فتناول حملا فرميته بمقلاعي فانتزعته منه ثمّ جاء إلى الجانب الأيمن فتناول حملا فرميته بمقلاعي فانتزعته منه ، ثمّ جاء مع أنثاه يريدان أن يتناولا حملا فأردت أن أرمينه فأقعى على ذنبه فقال : أما تستحي تحول بيني وبين رزقي وقد قسمه الله ، أفما أحتاج أنا إلى غذاء أتغذّى به؟! فقلت : ما أعجب من هذا ذئب أعجم يكلّمني كلام الآدميّين ، فقال لي الذئب : ألا أنبئك بما هو أعجب من كلامي لك ، محمّد رسول الله ربّ العالمين يحدّث الناس بأنباء ما قد سبق من الأوّلين وما لم يأت من الآخرين والناس يكذّبونه واليهود مع علمهم بصدقه ووجوده في كتبهم التي نزلت من ربّ العالمين بأنّه أصدق الصادقين وأفضل الفاضلين يكذّبونه ويجحدونه ، ويحك يا راعي آمن به تأمن من عذاب الله ، وأسلم تسلم من سوء العذاب الأليم.
فقلت له : والله لقد عجبت من كلامك واستحيت من منعي لك ، فكلّما شئت الآن من غنمي فدونك لا أدافعك ولا أمانعك. فقال لي الذئب : يا عبد الله ، أحمد الله إذ كنت ممّن يعتبر بآيات الله وينقاد لأمره ولكن الشقي كلّ الشقي من يشاهد آيات محمّد في أخيه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وما يؤدّيه عن الله عزوجل من فضائله وما يراه من وفور حظّ من العلم والعمل الذي لا نظير له فيه ، والزهد الذي لا يحازيه أحد فيه ، والشجاعة التي لا عدل له فيها ، ونصرته للإسلام التي لا حظّ لأحد فيها مثل حظّه ثمّ يرى مع ذلك كلّه رسول الله يأمر بموالاته وموالاة أوليائه والتبرّي من أعدائه ويخبر أنّ الله تعالى لا يقبل من أحد عملا وإن جلّ وعظم ممّن خالفه ثمّ هو