أظهروها لمّا أظهره عزوجل بالنبوّة ، وأغرتهم اليهود أيضا ، وقالت لهم اليهود : أيّ شيء يرد عليكم من هذا الطفل؟ ما نراه إلّا سالبكم نعمكم وأرواحكم ، وسوف يكون لهذا شأن عظيم.
قال عليهالسلام : ثمّ تواطئت اليهود على قتله في طريقه في جبل حراء ، وهم سبعون رجلا ، فعمدوا إلى سيوفهم فسمّوها ، ثمّ قعدوا له ذات غلس في طريقه على جبل حراء ، فلمّا صعد صعدوا إليه وسلّوا سيوفهم وهم سبعون رجلا من أشدّ اليهود وأجلدهم وذوي النجدة منهم ، فلمّا أهووا بها إليه ليضربوه بها التقى طرفا الجبل بينهم وبينه فانضمّا وصار ذلك حائلا بينهم وبين محمّد صلىاللهعليهوآله ، وانقطع طمعهم عن الوصول إليه بسيوفهم فغمدوها فانفرج الطرفان بعد ما كانا انضمّا ، فسلّوا بعد سيوفهم وقصدوه ، فلمّا همّوا بإرسالها عليه انضمّ طرفا الجبل وحيل بينهم وبينه فغمدوها ، ثمّ ينفرجان فيسلّونها ، إلى أن بلغ ذروة الجبل ، وكان ذلك سبعا وأربعين مرّة ، فصعدوا الجبل وداروا خلفه ليقصدوه بالقتل فطال عليهم الطريق فمدّ الله عزوجل الجبل فأبعدوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى فرغ من ذكره وثنائه على ربّه واعتباره بعبره ، ثمّ انحدر عن الجبل وانحدروا خلفه صلىاللهعليهوآله ولحقوه وسلّوا سيوفهم ليضربوه بها ، فانضمّ طرفا الجبل وضغطهم ورضّضهم حتّى ماتوا أجمعين ، وذهب رسول الله صلىاللهعليهوآله عن ذلك الموضع سالما مكفيا مصونا محوطا تناديه الجبال وما عليها من الأحجار والأشجار : هنيئا لك يا محمّد بنصرة الله عزوجل لك على أعدائك بنا ، وسينصرك إذا ظهر أمرك على جبابرة أمّتك بعليّ بن أبي طالب وسيجعله تاليك وثانيك ، ونفسك التي بين جنبيك ، وسمعك الذي به تسمع ، وبصرك الذي به تبصر ، ويدك التي بها تبطش ، ورجلك التي عليها تعتمد ، وسيقضي عنك ديونك ، ويفي عنك بعداتك ، وسيكون جمال أمّتك وزين أهل ملّتك ، وسيسعد ربّك عزوجل به محبّيه ويهلك به شانئيه.