ولم يرد الطهارة التي هي الإيمان.
قلنا : شهادته صلىاللهعليهوآله لهم بالطهارة عامّة في الإيمان والمناكح الصحيحة فمن خصّها بأحد الوجهين دون الآخر طولب بالدليل.
فإن احتجّ مخالف لنا في إيمان آباء النبيّ صلىاللهعليهوآله بما حكاه تعالى عن إبراهيم وأبيه.
قلنا : إنّ إبراهيم عليهالسلام إنّما كان يخاطب بتلك المخاطبة عمّه آزر ابن ناخور ، فأمّا أبوه فكان اسمه تارخ ابن ناخور بإجماع أهل العلم فكان أبوه قد مضى فتزوّج عمّه آزر بأمّه وربّاه يتيما في حجره فكانت السنّة في ذلك العصر وبعده إلى مبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى وقتنا هذا أنّ كلّ من ربّى يتيما في حجره سمّي ابنا له ، وجعل من يربّيه له أبا ، على أنّ العرب تسمّي العمّ أبا وابن أخ ابنا له ، وقد نطق القرآن بذلك وتكلّمت به العرب ، قال الله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(١) فجعل إسماعيل أبا يعقوب وهو عمّ يعقوب عليهالسلام.
٤ ـ من الحجج القاطعة على إيمان آباء النبيّ وأبي طالب قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ)(٢) الآية ، فغير جائز أن تنقطع هذه الآية المسلمة إبراهيم وإسماعيل إلى يوم القيامة ، فمن زعم بعد تلاوة هذه الآية من كتاب الله تعالى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ولد من كفّار فقد زعم أنّ الأمّة المسلمة من ذرّيّة إسماعيل قد انقطعت في وقت من الأوقات فقد زعم أنّ دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام لم تستجب ، ومن قال بذلك فما آمن بالله ولا برسوله ولا عرف حقّ أنبيائه ولا منازل حججه
__________________
(١) البقرة : ١٣٣.
(٢) البقرة : ١٢٧ ـ ١٢٨.