الناس حتّى أشرف على أهل الشام فإذا هم لم يتحرّك منهم أحد ، وسار على الرايات يحثّهم ويذكّرهم فعل ابن زياد بالحسين عليهالسلام وأصحابه وأهل بيته من القتل والسبي ومنع الماء ، وتقدّم إليه وحملت ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم ، فثبتت لهم وقتل أميرها ، فأخذ الراية آخر فقتل وقتل معه جماعة ، وانهزمت الميسرة ، فأخذ الراية ثالث وردّ المنهزمين ، فإذا بإبراهيم كاشف رأسه ينادي : إليّ شرطة الله ، أنا ابن الأشتر ، إنّ خير فرّاركم كرّاركم ، ليس مسيئا من أعتب.
وحملت ميمنة إبراهيم على ميسرة ابن زياد رجاء أن ينهزموا لأنّ أميرها كان وعد إبراهيم ذلك لأنّه وقومه كانوا حاقدين على بني مروان من وقعة مرج راهط فلم ينهزموا أنقه من الهزيمة. فقال إبراهيم لأصحابه : اقصدوا هذا السواد الأعظم فو الله لئن هزمناه لا نجفل من ترون يمنة ويسرة انجفال طير ذعرت ، فمشى أصحابه إليهم فتطاعنوا ثمّ صاروا إلى السيوف والعمد ، وكان صوت ضرب الحديد كصوت القصّارين ، وكان إبراهيم يقول لصاحب رايته : انغمس فيهم ، فيقول : ليس لي متقدّم ، فيقول بلى ، فإذا تقدّم شدّ إبراهيم بسيفه فلا يضرب رجلا إلّا صرعه وحمل أصحابه حملة رجل واحد فانهزم أصحاب ابن زياد.
فقال إبراهيم : إنّي ضربت رجلا تحت راية منفردة على شاطئ نهر الخازر فقدته نصفين فشرّقت يداه وغرّبت رجلاه فالتمسوه ، وفاح منه المسك ، وأظنّه ابن مرجانة ، فالتمسوه ، فإذا هو ابن زياد ، فوجدوه كما ذكر ، فقطع رأسه وأحرقت جثّته ، وقتل في هذه الوقعة من أصحاب ابن زياد الحصين بن نمير السكوني وشرحبيل بن ذي الكلاع الحميري.
ولمّا انهزم أصحاب ابن زياد تبعهم أصحاب إبراهيم فكان من غرق أكثر ممّن قتل ، وأنفذ إبراهيم عمّاله إلى نصيبين وسنبحار ودارا وقرقيسيا وحرّان والرها وسميساط وكفرتوتا وغيرها ، وأقام هو بالموصل ، وقام سراقة البارقي يمدح إبراهيم ابن الأشتر :