الأنحاء. وليس هناك إلّا بعض الفهود. وينغلق الوادي من هذه الناحية بنقب أو منحدر حبران الذي يسمى أيضا العجاني (١) De L adjani ؛ وهي طلعة مخيفة تكون حياة الراكب فيها مرهونة بكبوة من ركوبه ، بسبب وعورة الطريق ، وكثرة الحجارة فيها ، وقربها من الهاوية. لذلك صعدنا هذه الطلعة الطويلة التي لا تنتهي على القدمين : واستمرت حفلة التعذيب ساعة حسبناها قرنا. ويرى الناظر من القمة عددا كبيرا من الأودية يتيه المرء فيها ، يتداخل بعضها في بعضها الآخر ، والتي لا يمكن إلّا لفطرة البدوي وحدها أن تكون دليلا للتوجه فيها : لأنها جميعا محاطة ومحددة / ٥٧ / بهضاب أو جبال تتشابه جماليا بأنها جميعا مجردة ومحرومة من أي زرع.
وعلى الرغم من قحطها ، فإن هذا المنظر يأسر الألباب ، ولم أستطع أن أحول نظري عنه ، ولا أن أفكر بأمر آخر ، وأنا أتخيل موسى وقومه ، وقد نصبوا خيامهم في هذه الأماكن الموحشة.
كان ينبغي علينا بعد أن صعدنا ، أن ننحدر على الأقدام ، ساعة أخرى من التعب ؛ لأن المكان في هذه الناحية هو أسوأ من الصعود ، إن كان هنالك ما هو أسوأ. وعلى الرغم من أننا لم نكن نركب الهجن ، وهي تتحرك بالتالي بحرية ، فإنها كانت تتعثر في كل خطوة ، أما الجمال التي تحمل أمتعتنا فقد كان الجمالون مجبرين على أن يسندوا الحمولة من الجانبين لمنعها من الوقوع في المهاوي. وربما كان الحصان ، والبغل على وجه الخصوص أكثر مناسبة من الجمل لمثل هذه الطرقات ؛ ولكن قبائل الطورة
__________________
(١) كذا في الأصل ولعلها : العجاوة.