تلك الليلة ويتطاعمون بها ، وأهل الحرمين يخصونها بالمشبك ولها ذكر في الشعر وقد كثر تشبيه المحبوب بهليل شعبان والظاهر أن ذلك لتعلق الابصار به خوف دهمه شهر رمضان ، فلذلك يسمى القصير فإن الناس يغتنمون فيه الاجتماع بالأحباب والتنزهات في البساتين حتى قال بعض أهل المجون :
قل لشهر الصيام إنك لا شك |
|
علينا من الشهور الطوال |
صل علينا وطل وثقل وبالغ |
|
سترى ما يكون في شوال |
وما أحسن ما قال :
شهر الصيام لقد كرمت نزيلا |
|
ونويت من بعد المقام رحيلا |
فعليك ألف تحية منا فقد |
|
طبنا بوصلك مستمرا ومقيلا |
وقيل : لأن الله تعالى خلق النور في ثاني عشر شعبان وقيل وقيل ولم تستفد في بحثنا طول عمرنا سوى أن حفظنا منه قيل وقالوا ، ويسمى هذا الشهر شهر الكرامة وفيه يذهب الناس على اختلاف طبقاتهم إلى البساتين فيقيمون بها على قدرتهم وسعتهم في الرزق وأنشدوا:
أقول لمن يمر بأرض نجد |
|
ليظفر من رباها بالديار |
تزود من شميم عرار نجد |
|
فما بعد العشية من عرار |
وقل أيضّا لمغتنم صفاء |
|
على معنى يلوح لذي اعتبار |
إذ العشرون من شعبان ولت |
|
فواصل شرب ليلك بالنهار |
ولا تشرب بأقداح صغار |
|
فإن الوقت ضاق على الصغار |
شعر :
نلت في ذا الصيام ما تشتهيه |
|
وقال الإله ما تتقيه |
أنت في الناس مثل شهرك في |
|
الأشهر بل مثله ليلة القدر فيه |
شهر رمضان المعظم فيه يعمر المسجد بتلاوة القرآن العظيم ليلّا ونهارّا سرّا وجهارّا وتكثر قراءة كتب الحديث فيه كالشمائل والمصابيح والمشارق وصحيح البخاري.
وما أحسن ما قال :
ما لذتي إلا رواية مسند |
|
قد قيدت (١) بفصاحة الألفاظ |
__________________
(١) في ب [تبدت].