لو أن ما بي من الأشواق نحوكم |
|
أضحى على الفلك الدوار ما دارا |
كم أرقب القرب والركبان أسألها |
|
لعل أسمع في الأخبار اخبارا |
يا سادتي إني من بعد بعدكم |
|
أمسي وأصبح مشتاقّا ومحتارا |
وما تغير غير الجسم من سقم |
|
ولا جرى غير دمع قد بكى الجارا |
وقال آخر :
يا أهل طيبة (١) لا زالت شمائلكم |
|
كالروض باكره سار من الديم |
أنفاسكم والنفوس الغر لا برحت |
|
كالزهر والزهر في لطف وفي كرم |
ما أمكم زائر إلا وآب بما |
|
يربوا على فكره من كل مغتتم |
فأنتم الطاهرون الطيبون ومن |
|
لا ريب في مجدهم من سالف القدم |
لا عيب فيكم سوى أن التنزيل بكم |
|
يسلو عن الأهل والأوطان والحشم (٢) |
جميلكم جل أن يخص وفضلكم |
|
في الناس أشهر من نار على علم |
كفاكم بجوار المصطفى شرفّا |
|
وجار ذي الجاه أنى كان لم يضم |
لو لاكم خير الله الكرام لما |
|
كنتم له جيرة من سالف الأمم |
والله جل اسمه بالقرب خولكم |
|
وزادكم بسطة في العلم والهمم |
لا زلتم وأمان الله يكلؤكم |
|
فما يحاذر في حرز من اللمم |
وكيف أخشى الرزايا إن تلم بكم |
|
وأنتم في حمى المختار في حرم |
عليه صلى إله العرش ما سجعت |
|
ورق الحمائم بين الضال والسلم |
وإله الطهر أرباب الكمال ومن |
|
وآلاهم وجميع الصحب كلهم |
فائدة :
زعم بعضهم أن السر (٣) في ضعف وجدان من في المدينة المنورة وفتور شوقه المطلوب يضاعفه القرب الصوري كما هو شأنه. وإن قيل :
وما أعظم ما يكون الشوق يومّا |
|
إذا دنت الخيام من الخيام |
حتى أن من ذهب إلى أطراف المدينة ، من بساتينها وحدائقها وجد من نفسه الوحشة وقلة الأمان ولا تطيب نفسه بغيبته أكثر من ثلاثة أيام وكذلك كره بعض العلماء كثرة الزيارة مخافة الوقوع في السآمة والملل فينبغي أن يغيب أحيانّا ليجدد عهود الأشواق ويرجع رجوع المحب المشتاق.
__________________
(١) في ب [يا ساداتي].
(٢) في ب [والخصم].
(٣) سقط من ب.