ـ حيث كان يلقي دروسه على طلاب العلم الذين يشدون الرحال إلى هذه البقعة المباركة طلبا للعلم. وكانت موضوعات تلك الدروس تتراوح بين علم الحديث الشريف كصحيحي البخاري ومسلم. أو في الفقه كموطأ الإمام مالك ، أو في تفسير القرآن الكريم والسيرة النبوية لابن هشام.
ولقد كان إلى جانب هذا بين الفينة والأخرى محدثا في أول مسجد أسس على التقوى ، مسجد قباء ، ولقد أحبه القوم هناك ، كما كان أسلافهم يحبون من هاجر إليهم أو أقام بينهم.
وبمثل ما كان الناس يأوون إلى درسه ويلتفون حول حلقة علمه منصتين في خشوع ، أو مناقشين في أدب ، كانت أفواج من طلبة العلم تؤم داره الكريمة التي تحوي مكتبة تزخر بأمهات الكتب في العلوم الإسلامية والعربية ، فلقد كانت تلك الدار مرجعا مكن الكثير من طالبي العلم أن يأتوا على ما يتطلبه لهم البحث ، ولقد كانت شخصية الشيخ ـ رحمهالله ـ وملامحه الكريمة خير معوان لهم لبلوغ ذلك المقصد الذي كان يسر الشيخ ـ رحمهالله ـ فقد كان أحد الذين منحهم الله من الصبر والتواضع ما يجعل علمهم مشاعا بين مختلف طبقات الناس. ولقد اجتمع على حبه عامة الناس وخاصتهم.
لقد حفظ التاريخ لنا سيرة عطرة عن الشيخ نفسه ـ رحمهالله ـ وعن مآثره الكريمة. ومن بين هذه المآثر تلك الحسنة الجارية المتمثلة في أبنائه الذين نشأهم خير تنشئة وعلمهم فأحسن تعليمهم. ولعلها مناسبة كريمة أتوجه فيها إلى الدكتور عبد الله المختار. وشقيقه الأستاذ محمد في طبع ما تركه ذلك الرائد من مؤلفات ورسائل يتممان بذلك تلك الرسالة التي وهب والدهما حياته لها في صدق وإخلاص.