من الشر والخسار ، وإنما يقصد نهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناد شيء من الأمور العامة إلى المرأة. وقد ساق ذلك بأسلوب من شأنه أن يبعث القوم الحريصين على فلاحهم وانتظام شملهم على الامتثال. وهو أسلوب القطع بأن عدم الفلاح ملازم لتولية المرأة أمرا من أمورهم. ولا شك أن النهي المستفاد من الحديث يمنع كل امرأة في أي عصر من العصور أن تتولى أي شيء من الولايات العامة وهذا العموم تفيده صيغة الحديث وأسلوبه كما يفيده المعنى الذي من أجله كان هذا المنع ، وهذا هو ما فهمه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وجميع أئمة السلف لم يستثنوا من ذلك امرأة ولا قوما ولا شأنا من الشئون العامة. فهم جميعا يستدلون بهذا الحديث على حرمة تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء وقيادة الجيوش وما إليها من سائر الولايات العامة. هذا الحكم المستفاد من الحديث وهو منع المرأة من الولايات العامة ليس حكما تعبديا يقصد مجرد امتثاله دون أن تعلم حكمته وإنما هو من الأحكام المعللة بمعان واعتبارات لا يجهلها الواقفون على الفروق الطبيعية بين نوعي الإنسان : «الرجل والمرأة». ذلك أن هذا الحكم لم ينط بشيء وراء «الأنوثة» التي جاءت كلمة «امرأة» في الحديث عنوانا لها. وإذا فالأنوثة وحدها هي العلة فيه.
وواضح أن الأنوثة ليس من مقتضاها الطبيعي عدم العلم والمعرفة ولا عدم الذكاء والفطنة حتى يكون شيء من ذلك هو العلة ، لأن الواقع يدل على أن للمرأة علما وقدرة على أن تعلم كالرجل بل قد تفوق الرجل في العلم والذكاء والفهم؟ فلا بد أن يكون الموجب لهذا الحكم شيئا وراء ذلك كله.
إن المرأة بمقتضى الخلق والتكوين مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت لأجلها ، وهي مهمة الأمومة وحضانة النشء وتربيته وهذه قد جعلتها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة وهي مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية