رفيعا ، ومذهبا فكريا قادرا على قيادة الحياة والبشرية جميعا إلى السلام والإخاء والأمن والرفاهية.
وورث عنه الرسالة الثقافية التي جاهد من أجلها أجيالا طوالا ، والتي قامت عليها أروقته ومحاريبه وقبابه ومآذنه الشم ، ودأبت على الكفاح في سبيلها حلقاته الطاهرة ، التي تجمع فيها شباب المسلمين ـ من شتى الأقطار والشعوب ـ على كلمة الحق والتقوى والمعرفة ، استجابة لأمر الله ، وتحقيقا لفكرة الإسلام ، وسعيا وراء الحقيقة التي هي أكبر محرر للأمم ، والجماعات والأفراد. من أغلال الجهل والجمود والتأخر.
وعاشت حلقات الأزهر الجليلة طويلا خلال هذه الأجيال ، وهي نحمل عن العالم الإسلامي رسالة الإسلام الروحية والدينية والثقافية ، وتؤديها ناصعة بيضاء كخيوط الفجر ، مشرقة هادية كضوء الشمس ، ومن هذه الحلقات تخرج زعماء العالم الاسلامي في القديم ، وكانت عن جدارة بمثابة مصنع يصنع الرجال والأبطال ، ممن قادوا الشعوب الإسلامية إلى النهضة ، والحضارة والعزة ، مما جعل للأزهر مكانة كبرى في العالم الإسلامي.
مواقف خالدة للأزهر :
ولا ننس أن الأزهر قد قاد في القديم ثورتين كبيرتين تعدان من أسبق الثورات الدستورية العالمية ، قاد إحداهما عام ١٢٠٠ ه ـ يناير ١٧٨٦ م الشيخ الدردير ، وقاد الأخرى عام ١٢٠٩ ه ـ ١٧٩٥ م شيخ الأزهر في ذلك الوقت الشيخ عبد الله الشرقاوي ، وكسب الشعب المصري من الثورة الأولى مبدأ دستوريا جليلا هو وجوب احترام الحاكم لإرادة المحكومين ، وكسب من الثانية مبدأ آخر هو أن الأمة مصدر السلطان ، وكانت بمثابة إعلان لحقوق الإنسان ، ووثيقة فريدة في سبيل التحرير سبق بها شعب مصر غيره