المسجد وبدأ في تلاوة درسه ، وينضم لحلقته من يشاء من الطلبة الذين يحضرون ما يحلو لهم من دروس بلا تقييد .. ويتقدمون للامتحانات متى وجدوا في أنفسهم استعدادا .. وكانت تدرس في الأزهر شتى العلوم من الفقه إلى ضرب العود والكمان كما كان يفعل الشيخ العطار في مطلع القرن التاسع عشر ..
أبراج الكنائس التي يعتليها طلبة «أوكسفورد» في شهر مايو (أيار) من كل عام يتلون من فوقها صلاة لاتينية تمجد الثالوث المقدس .. ذكرتني بمآذن الأزهر التي كان يعتليها المجاورون (الطلبة) يتلون الابتهالات والمدائح النبوية في أيام الرضا .. ويكبرون في غير أوقات الصلاة ، إذا ما نشب خلاف بين الأزهر وسلطات المدينة ، أو قاد الأزهر ثورة الأهالي ضد استبداد السلطة .. تماما كمعارك طلاب «أوكسفورد» و «كمبريدج» مع سلطات المدينة منذ سبعة قرون .. لقد نشأت أوكسفورد في القرن الثاني عشر .. بينما وضع حجر الأساس في بناء الأزهر في نيسان (ابريل) ٩٧٠ وتم بناؤه في حزيران (يونيو) ٩٧٢ ، أي أنه أكمل ألف عام .. شهد فيها الفصل الدرامي من تاريخ حضارتنا .. تألقها .. فجمودها .. ثم انهيارها ..
ولا شك أن كل الذين قارنوا بين تاريخ الأزهر ، و «أوكسفورد» ، وعرفوا كيف قامت جامعات أوروبا الحديثة على غرار الأزهر ووفق نظمه ، بل وبالمعرفة التي نقلتها أوروبا عن الأزهر.
يدركون أن أقدم كتاب في جامعة «أوكسفورد» مكتوب سنة ١٣٧٩ ..
وعند ما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر ـ وهي أكبر فصل في تاريخ الأزهر كمؤسسة قيادية ـ كان أحدث الكتب التي تدرس فيه قد كتبت حول هذا التاريخ! ..