نيفا وثلاثين فقيها ، فكانوا يحضرون في كل يوم جمعة للصلاة بالأزهر ، ويأخذون في قراءة الفقه ، ومدارسة الحكمة ، وعقائد الدين إلى صلاة العصر.
وهكذا بدأت الدراسة في (الجامع الأزهر) ، واتخذ منذ ذلك التاريخ صفته التعليمية ، وقصده الطلاب من كل صوب ، وأصبح به طلبة متفرغون للدراسة ، وقد وفرت الدولة للمدرسين والطلاب ما يعينهم على الدراسة والتحصيل حتى لا تشغلهم مطالب الحياة ، أو السعي وراء الرزق ، فرتبت لهم الأرزاق والجرايات ، وبنت لهم المساكن ، وقدمت لهم الكسوة في كل عيد ، ويسرت لهم سبل الركوب والانتقال احتراما لهم ، وتقديرا لعلمهم ، واستطاع (الأزهر) بما فيه من أساتذة رسميين ، وطلاب منتسبين تجري عليهم جميعا الأرزاق الدائمة أن يكون معهدا للدرس ، وأن يبدأ حياته العلمية الحافلة المديدة.
وكان الصبغة المذهبية هي الغالبة على الدراسة في الأزهر ولا سيما في أول عهده ، لأنه كان مركزا لمجالس الحكمة التي كان يعقدها الدعاة فيه ، والتي كانت غايتها بث الدعوة الفاطمية ، وتوطيد إمامتها ، فكانت علوم الشيعة وفقه آل البيت تحتل من حلقاته الدينية المقام الأول ، غير أن هذا لم يمنع من تدريس علوم الدين ، واللغة وفروعها ، وكان للعلوم الدينية بنوع خاص أوفر نصيب ، كما كانت تدرس به علوم : الفلسفة ، والمنطق ، والطب ، والرياضيات وإن كان ذلك في حدود ضيقة.
دار العلم أو دار الحكمة
ظل الجامع الأزهر المركز العلمي الرئيسي للثقافة الشيعية ، والعلوم الدينية ، والعربية ، والكونية حتى ظهر له منافس خطير هو (دار العلم) التي أنشأها الخليفة الفاطمي الحاكم سنة ٣٩٥ ه (١) ، فقد انتزعت منه الكثير من
__________________
(١) وقيل انشئت دار العلم سنة ٤٠٠ ه ، وقد عنى الخليفة الحاكم بها عناية بالغة ، وألحق بها