فتحرفت عندهم مخافة أن يأخذوني. فناداني بعضهم : إنما نحن صدار البيت فلا تخف. والصدار الراجعون أراد أنهم كانوا حجاجا ، فنفذت حتى أصبّح طلح. وبها جماعة بني يربوع ، فقلت : قد غزاكم الجيش من بكر ابن وائل ، برئيسين وكراع وعدد ، فبعث بنو رياح بن يربوع فارسين طليعة وبعث بنو ثعلبة فارسين ربيئة في وجه آخر ومكث بنو يربوع يوقدون نارهم على صمد طلح ـ الصمد الموضع الغليظ الصلب ـ وأطلعوا السّبي الشّقيق فكانوا كذلك ثلاثا ـ والشقيق من الرمل الجدد بين الرملين وربما كان ميلا وخمسة أميال وأكثر ـ ثم إن فارسي بني ثعلبة جاءا فقالا : لم نحسس شيئا فقال عميرة : فما تمنيت الموت قط إلا يومئذ ، حين جاء الفارسان لم يحسّا شيئا مخافة أن يكونوا أرادوا غيرهم فيكون ما حدثتهم باطلا ، وليلة ذهبت ناقتي مخافة أن أوخذ فيقال : نام فأخذ.
فلما تعالى النهار من اليوم الثالث طلع فارسا بني رياح فاذا العبد لا يوقّى فرسه خبارا ولا حجرا ولا جرفا وهو على الخصيّ فرس بني قيس بن عتّاب ابن هرمىّ فقال : تركنا القوم حين نزلوا القسوميّة قال : فتلبّبنا ، ثم ركبنا ثم أخذنا طريقا مختلفا حتى وردنا الينسوعة حين غابت الشمس ، فوجدنا معركة القوم حين استقوا وسقوا ونثروا التّمر وتخفّفوا للغارة ثم أخذوا بطن المذنب فأتبعناهم حتى وارى أثرهم عنا الليل ، واستقبلوا أسفل ذي طلوح. وتحتى فرس ذريعة العنق ، فمضت بي الخيل ففقدني عوة بن أرقم بن نويرة فقال : يا بني يربوع إن عميرة قد مضى لينذر أخواله فقال عتيبة ابن الحارث بن شهاب :