إذ قد تقدم من النصوص ما يفهم منه قدم المرسى ، ولعله درس ، ثم جدد في عصور متأخرة ، أو أنه من المراسي التي لم تبن فيها منازل ولم تنشأ قرى. ويحسن إيراد بعض ما ذكر الرحالون عن بلدة الوجه.
قال محمد صادق باشا ـ يصف الوجه سنة ١٢٩٧ (١) ـ : مينا متوسطة من مين القلزم ، معدّة للسفن ، وبها برج مشيّد على جبل شاهق ، مشرف على البحر في ارتفاع ٥١ مترا ، به مدفعان وثلاثون عسكريا و (صاغ قول أغاسي) محافظ ، وبيوت صغيرة ، وسوق وثلاثة جوامع وتجار ، وأهاليها نحو الخمس مئة تقريبا ما عدا العربان المقيمين هناك ، والخضار معدوم بها ، وبها بئر ماؤها عذب تحمل منها المياه إلى القلعة. انتهى.
وقال المخزوميّ في رحلته (٢) ـ وقد مر بالوجه في شهر شوال سنة ١٣٠٦ بعد أن مر بينبع البحر في سفينة شراعية : (وعلى سبعة أيام وصلنا الوجه ، بلدة حقيرة متوسطة البناء ، فقابلنا تجارها وأعيان أهلها ، وعزمونا ، وكان الوقت ضيقا ، ومرادنا نتوجه فاعتذرنا ورجعنا إلى السفينة ، وإذا هم مرسلون لنا ثمانية رؤوس أكباش من الغنم وقائلون : هذه ضيافتكم فأعطيناها أهل السفينة التي نحن فيها وشكرنا فضلهم ... وفي وقت الفجر قامت بنا السفينة وقطعنا البحر ، وفي يوم وليلة وصلنا بندر القصير ، والوجه آخر الحجاز. انتهى.
وأقول : بلدة يقدّم أهلها ثمانية كباش لضيفهم لا يليق أن توصف بالحقارة ، ولكن الكاتب يقصد ضعف تلك البلدة وقلة مبانيها. وقد أوردنا كلامه لأنه يدل على حالة البلدة في أول هذا القرن.
__________________
(١) «دليل الحج» ١٩.
(٢) «الرحلة الحجازية» ص ٢٨.