أما اليوم فمنذ سنين صار عمدة الحاج على بندر العقبة والمويلح وعلى ينبع ، وأمّا ما بين المويلح وينبع فلا عمدة لهم عليه في طعام ولا علف ، سوى الماء عند الحاجة إليه ، وجلّه قبيح ، فلا ينزلون في هذه المفازة كلها إلا النزول المعتاد ، الذي لا يحصل بدونه المراد ، ويسمونها اليوم العشارية لأنها عشر مراحل متوالية لا إقامة فيها. انتهى.
وقد مرّ المزراويّ التامراويّ المغربي سنة ١٢٤٢ حين حج فكتب ما هذا نصه : (فوصلنا الوشى (؟) وفيه دار للمخزن وآبار. وأصعب مراحل الدرب بين الحورا الوشى إذ لا ماء بينهما ، فيموت الناس والبهائم فيه من العطش ، ويتركون فيه الضعفاء والبهائم كثيرا ، ولتحمل الماء من نظفه (؟) قبل الحورا بيوم ، إذ ماؤه طيب حلو ، وماء حورا خبيث ردىء يضر بالناس ولتحمل في نظفة (؟) ما يكفيك من الماء خمسة أيام) انتهى. ويلاحظ أن هذا الرحالة حاكي العامّة بكتابة اسم (الوجه) كما تنطق العامة هناك فهم يدغمون الجيم في الهاء فيقلبون الحرفين شينا مشددة (الوشّ) لا (الوشى) كما وقع هنا.
أما (نظفه) فصوابها (نبط) ولعل التحريف خطأ مطبعي في كتاب «المعسول» الذي نقلنا عنه (١).
تنبيه : كل ما تقدم يتعلق بالمكان الذي كان من منازل الحجاج ، وهو يقع شرق الميناء على مسافة غير بعيدة ، أما بلدة الوجه التى تقع على ساحل البحر فقد نشأت حديثا. ولهذا فلم يرد لها ذكر في رحلات الحج فيما قبل القرن الثالث عشر. وقد ذكرها رحالة متأخرون.
وليس معنى هذا أن ميناء الوجه حديثة. وإنما المقصود البلدة ،
__________________
(١) أورد رحلته صاحب كتاب «المعسول» ج ٨ ص ١٩٧.