وقال الخياريّ (١) : ولم أدر لتسميته الوجه وجها ، لأنه ـ كما علم ـ معجرف الأوضاع ، ليس به انبساط واتساع ، ومن غريب أمره أنه ضيّق المدخل والمخرج ، بحيث يقع من الزحمة عند دخوله والخروج منه الأمر العظيم ، فكاد يدرك الهلاك ـ لو لا لطف الله ـ العميم ، ولقد قلت : إن تسميته بالبطن أنسب ، لما حواه من التلول وضيق المدخل والمخرج ، إلا أنهم كأنهم راعوا عذوبة مائه ، ولا أعذب من المياه التي وقعت في كلام العرب (٢) من ماء الوجه انتهى.
وقال الزباديّ المتوفيّ سنة ١١٦٣ ، عن الوجه : وفيه حصن حصين ، في جوف واد كبير ، يخرج من بين جبلين ، والناس يهابون النزول في أصل الوادي ، إذا كان وقت السيول ، فيرتفعون إلى أعاليه ، وفي الوادي عدة آبار بعضها حسن ، وبعضها ذو أسن ، والتي فوق البندر أحسن من التي تحته ، وداخل البندر بئر تسنى بالبقر ، وتصبّ في ثلاث برك خارج البندر ، لصق حائطه ، والناس يحملون من هذا المحل ماء كثيرا لما استقبلهم من المسافات العريضة ، ذات المياه البشعة والبعد عن العمارة ، وفي هذا البندر ـ كغيره ـ عسكر وأمير ، وهو آخر البنادر التي في طريق الدرب (؟) وليس بعده عمارة إلى الينبع الذي هو أول عمارة ببلاد الحجاز ، على طريق الحاج ، ويخزن في هذا البندر ما يحتاجون في الإياب من طعام وعلف دواب ، وهو آكد موضع للخزن ، لأن الركب في الرجوع قد يصل إلى هذا المحل قبل وصول الممتارين للطعام من مصر إليه ، فيغلو الفول والطعام ، غاية تعجز عنه الأثمان في بعض الأوقات ، هذا ما كان عليه الحال قبل هذا الزمان بأعوام ،
__________________
(١) رحلته القسم المخطوط ـ
(٢) كذا ولعله تحريف : (وقعت فى الدرب).