الهزال ، لعدم ما تقتات به ، وعدم وجود السمن ، وقلة ما تجلبه العربان من تلك الأودية والمنازل ، أو عدمه مطلقا لمشقة سلوكها هناك والحالة هذه. ولقد تعطّل نقل حبّ الدشيشة. ولي من أبيات في هذا المعنى ، مضمّنا :
مررنا بوادي (الوجه) وهو من الحيا |
|
عديم وقد خابت ظنون وآمال |
وقد كان للعافين أطيب بغية |
|
يسوغ به للوفد ورد وترحال |
إذا أمّه الصّادي أتى كلّ صالح |
|
وقد عمّه أنس وريّ وإقبال |
فما باله ـ لا غيّر الله حاله ـ |
|
وعادته بالفخر يزهو ويختال |
تبدّل بعد الأنس خيبة آمل |
|
وجفّ لديه ما صفا وهو سيّال |
وأوحش هذا (الوجه) بعد ندائه |
|
وما ذاك إلّا أنّ أهل النّهى قالوا |
(إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه) |
|
وعن حيّه أهل الموارد قد حالوا |
وقال النابلسيّ (١) : الوجه هو المنزل الثامن عشر من منازل الحاج ، وهي قلعة عامرة بين جبال ، بها أربعة أبراج. وفيها منارة ، وفيها أناس يسكنونها ، وعندها آبار من المياه التي تغلب عليها الملوحة ، ولها بركة كبيرة تمتلىء أيام الحاج ، وما أحسن قول الشيخ برهان الدين القيراطي (ابراهيم بن عبد الله المصري ٧٢٦ ـ ٧٨١ ه) :
أتيت إلى الحجاز فقلت لمّا |
|
تبدّى وجهه لي ، وارتويت |
وكم في الأرض من وجه مليح |
|
ولكن مثل وجهك ما رأيت |
وله أيضا :
أقول وقد جئنا إلى الوجه جمعنا |
|
عطاشا وكلّ خاب فيه رجاؤه |
إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه |
|
ولا خير في وجه إذا قلّ ماؤه |
__________________
(١) «الرحلة الكبرى» الورقة ١٧ مخطوطة فينا.