لم يشاهد (الفرنج) قطّ في (كاف) من قبل ، هكذا يقول الناس ، وهم لا يفهمون الاحترام الذي يقابل به الأوربيون في أماكن أخرى ، وعلى أية حال فقد شرح لهم محمد أخوّته مع (البيك) واحتج بأن رحلته هي رحلة ترفيه ، لا رحلة من أجل الربح ، حتى نعامل بنفس القدر من البشاشة كما لو كنا عربا بالولادة ، وكان عوّاد الشّمريّ ذا فائدة عظيمة لنا ، من حيث أنه معروف جيّدا هنا ، فيقوم بدور التقديم.
و (كاف) مستقلة تماما عن السلطان ، ولو أن العساكر الترك نهبوها مرتين ، مرة بقيادة إبراهيم باشا ، ومرة ثانية منذ بضع سنين فقط عندما أرسلت حكومة دمشق حملة عسكرية إلى وادي السّرحان ، وشاهدنا خرائب قلعة قصر الصعيدي ، على تلّ فوق البلدة ، هدمها السابقون ـ جنود إبراهيم باشا ـ وسمعنا كثيرا من النواح حول أعمال الآخرين.
وسكان (كاف) يعترفون بأنفسهم بأنهم رعايا لابن رشيد ، رئيس جبل شمّر. وكان بعض قومه هنا منذ أيام قليلة فقط ، ويأخذون الإتاوة وهي مبلغ صغير ، مجيديّ (٤ جنيهات استرلينية) وهم يدفعونها بابتهاج مقابل حمايته لهم ، وهم متحمسون جدّا (للأمير) كما يسمونه ، وحقا ليس هناك من سبب حتى يرغبون في الانضمام إلى سورية.
إنّ مدينة كاف الصغيرة وجارتها (إثرة) حيث نحن الآن ، من الناحية التجارية لهما من الاتصال بالشمال أكثر من الجنوب ، لأن ثروتهما الأساسية ـ كما هي الحال ـ تنبع تجارة الملح مع (بصرى).
ويبدو أن عبد الله القاسم ميسور الحال ، لأنه يملك عدة عبيد. ولديه أكثر من زوجة ، إلا أن الفلوّ الذي أشرت إليه هو كل ما يملك