نوع ، باستثناء ثقوب مربعة قليلة ، قريبة من السقف ، وكان السقف من عمدان من الأثل ، بقواطع من النخل ، تملأ ما بينها فروع من النخل ، وتسمى الغرفة الرئيسة (القهوة) أو غرفة القهوة ، وفيها يوجد موقد مربّع في الجانب أو في الوسط ، لصنع القهوة ، ولا توجد مدخنة ، ويخرج الدخان كما يستطيع ، لكن هذا ليس غير مريح كما قد يتبادر إلى الذهن ، لأن احتراق الحطب هنا له لهب لامع جميل ، ويعطى أقصى حرارة بأدنى قدر من الدخان إنه (الروثة) (١) أو الغضا ـ نوع من الأثل ـ ويجلس الناس حول الموقد ، بينما يجرى صنع القهوة إجراءا صامتا ، يستغرق نصف ساعة تقريبا وبمجرد وصولنا أحضرت فدرة من التمر من محصول العام الماضى وهو لزج ومهروس ، لكنه طيب ، وفي المساء تناولنا عشاء معتادا مكونا من البرغل ولحم الدجاج المسلوق. إنّنا مندهشون جدّا من الأدب الذي عليه كل فرد ، فعبد الله مضيفنا سألنا على الأقل عشرين مرة عن صحتنا قبل أن ننتقل من شيء إلى آخر ، ولم يكن من السهل أن نجد ثناء مناسبا للرد ، وكل شيء بالطبع بائس وبسيط ، ولكن المرء لا يملك إلا أن يحسّ أنه بين قوم متحضرين ، وقد أكثروا من اللجب مع محمد ، الذي يعاملونه كشيخ ، و (تدمر) معروفة بالاسم جيّدا ، وتعتبر على هذه المسافة مدينة هامة ، ووجود إنسان في مركزه يقوم بعمل شبه خفير ـ كالذي يقوم به محمد معنا ـ يعتبر مفاجأة كبيرة ، ولهذا وضع موضع استجواب مهذب في المساء فيما يتصل بالباعث وراء رحلته.
__________________
(١) الروثة : بضم الراء من مراعى الإبل المفضلة ومما يتندر به على قبيلة الرولة ما ييسب إلى احدهم انه عندما سمع واعظا يعظ ويصف الجنة التى اعدها الله للمتقين يوم القيامة وانها حوت ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين سأل الروبلى الواعظ قائلا : وهل فيها روثة؟!