أسرينا ليلا ـ من وادى الكروش ولا ماء به ـ وصبّحنا حصن فيد ، وهو حصن كبير في بسيط من الأرض ، يدور به سور ، وعليه ربض ، وساكنوه عرب يتعيّشون مع الحاج فى البيع والتجارة ، وهناك يترك الحجاج بعض أزوادهم حين وصولهم من العراق إلى مكة ، فإذا عادوا وجدوه. وهو نصف الطريق من مكة إلى بغداد ، ومنه إلى الكوفة مسيرة اثني عشر يوما ، فى طريق سهل به المياه فى المصانع ، ومن عادة الركب أن يدخلوا هذا الموضع على تعبئة وأهبة للحرب إرهابا للعرب المجتمعين هنا لك ، وقطعا لأطماعهم عن الركب.
وهناك لقينا أميري العرب وهما فيّاض وحيار وهما ابنا الأمير مهنّا بن عيسى (١) ، ومعهما من خيل العرب ورجالهم من لا يحصون كثرة ـ ـ فظهر منهما المحافظة على الحاج والرحال ، والحوطة عليهم ، وأتى العرب بالجمال والغنم فاشترى منهم الناس ما قدروا عليه. انتهى
ومن الطرف المتعلقة بها ما نقله صاحب «التاج» عن شيخه : رأيت في كتب الامثال ، أنه يوجد بها كعك يضرب به المثل ، ونظمه شيخ الأدباء مالك بن المرحّل في «نظم الفصيح» فقال :
وتلك فيد قرية ، والمثل |
|
في كعك فيد سائر لا يجهل (٢) |
وتقع فيد في أرض من أكرم نجد (٣) في فلاة بين أسد وطيء في الجاهلية. شرق جبل يدعى الصعانين ، الواقع جنوب جبل سلمى الشرقي (بقرب الدرجة ٣٠؟ ـ ٤٢؟ طولا و ١٠؟ ـ ٢٧؟ عرضا شماليا تقريبا).
__________________
(١) أمير آل فضل
(٢) «تاج العروس» ـ فيد ـ هذا الكعك يعمل من القمح والسكر والسمن ، ويسمى (الكليجا) وهى كلمة اعجمية وردت فى رحلة ابن بطوطة.
(٣) كتاب الحازمى وكتاب نصر وهما مخطوطان.