التنعُّم ، يقال : «كم ذي نِعمة لا نَعمة له» أي : كم ذي مالٍ لا تنعّم له. ويقال : نَعِم عيشُه : إذا طاب. وفلان يَنْعم نَعْمةً : أي يتنعَّم ، من باب لبِس. وقولهم : «نَعِمتُ بهذا عينا» أي سُررتُ به وفرحت ، وانتصاب عينا على التمييز من ضمير الفاعل (١) ، ولما كثُر استعماله في هذا المعنى صار مثلاً في الرضى (٢٦٧ / ب) حتى قيل : «نَعِمَ الله بك عَيْنا» كما قيل : «يدُ الله بُسْطانٌ» (٢) لما صارت بَسْطة اليد عبارةً عن الجود ، لا أن لله عينا ويدا ، تعالى الله عن الجوارح عُلوّا كبيرا.
وأما قول مُطرِّفٍ : «لا تقل نَعِمَ الله بك عَيْنا فإن الله لا يَنْعَم بأحدٍ عينا ، ولكن قل أنعم الله بك عَيْنا» : فإنكار للظاهر واستبشاع له. على أنك إن جعلتَ الباء للتعدية ـ ونصبتَ عينا على التمييز من الكاف الذي هو ضمير المفعول ـ صحَّ ، وخرَج عن أن تكون العين لله تعالى ، وصار كأنك قلت : نعَّمك اللهُ عينا أي نعَّم (٣) عينَك وأقرَّها. وأما : «أنعم الله بك عينا» فإما أن يكون «أنعم» بمعنى «نعَّم» فتكون الباء مزيدةً ، أو يكون بمعنى دخَل في النعيم فتكون صلةً ، مثلها في سُرَّ به وفرح ، وانتصاب العين (٤) على التمييز من المفعول في كلا الوجهين.
وقال صاحب التكملة : «إنما أنكَر مطرِّفٌ لأنه ظنَّ أنه لا يجوز «نَعِمَ» بمعنى «أنعم» وهما لغتان ، كما يقال : نَكِرْتُه وأنكرته ، وزَكِنْته وأزكنته ، أي علمتُه ، وألِفتُ المكان وآلفْتُه» ، قال :
__________________
(١) قوله : «وانتصاب ... الفاعل» ساقط من ع.
(٢) اضطرب رسم هذا الحديث النبوي في النسخ ومعجمات اللغة ، ومن ثم اختلفت الأقوال في تأويله. ففي ع : «يدا الله يبسطان». وفي أساس البلاغة «بسط» : يدا الله بسطان». وانظر النهاية والتاج «بسط».
(٣) ع : أنعم.
(٤) في هامش الأصل : عينا.