الجرواني (٤) يوما يقول ـ ووردان شاه (ج) جالس عندنا ـ وقد جلبوا ذكر الرجال ، فقال أعرف رجلا إذا جنّ الظلام طار في الهواء ، كما يخرج السهم من الحنّية ـ وأشار إليه بعينه ـ فزجره وردانشاه ، وقال : «أيش هذا يا شيخ؟».
١٦١ ـ أبو زيد الخراساني الصوفي (القرن لسادس)
شيخ مشهور كبير الشأن (١) ، له أحوال غريبة ، وتصرفات عجيبة ، سلك (أ) طريق الملامة (خ) مع ركوب السلامة. أقام بالشام ومات بها ، وقبره بالشام. كان لا يأكل إلّا من الدوزة (ب) ، ولا يبرح معه القوّالون (ت) المستحسنون ، لهم عليه الجامكية (ث) ليروّح بهم قلوب أصحابه. قال بعض الإربليين : كان الشيخ أبو زيد نازلا بمشهد الكفّ ، وعنده قوّال ينشد على الدفّ والشّبّابة (ج) ، وتبدو منه ومن أصحابه الحالات ، فدخل عليهم أحمد القلانسي الإربلي (٢) فأنكر عليهم ما هم فيه بقلبه ، فترك الشيخ السماع وأمر بضربه ، فضرب إلى أن كاد يهلك. فمضى ليشكو عليهم إلى الحاجب سرفتكين (٣) فلقيه في بعض الطريق ، فقال : لعلك أنكرت السماع عليهم؟ فقال : نعم ، أنكرته بقلبي لأنه كان في المشهد. فقال : إنّ أبا زيد يرقص في الحرم وفي بيت المقدس ، ولا يجسر أحد يعترض إليه.
قال سعد (ح) بن عبد العزيز البوازيجي : لما دخل أبو زيد البوازيج ، كنت بها فلقي مستوفيها سعيد بن أبي الليث (٤) راكبا في الطريق فتكلم / على حاله ، فألقى نفسه من دابته وخرق أثوابه ، وبقي أياما يدور في البوازيج حافيا مكشوف الرأس ، وترك الدنيا ولم يعد إليها ، وصار من كبار الصالحين. وهذا سعيد هو أخو زوج عمة لي ، كان أيضا صالحا ـ رحمة الله عليهما ـ. وكان أبو زيد يقول : «من لم يسلك أصحابه طريق الملامتية (خ) لا يأمن عليهم سوء الظن».