وقالوا : إنّ أبا زيد أقبل عليه محمود بن زنكي (٥) إقبالا عظيما ، وكان يشتري كلّ ليلة عشرين جرّة من الخمر ويستأجر عشرين قينة ، ويريق الخمر في البالوعة ويغلق الباب عليهن إلى الصباح ويدفع إليهن أجورهن ، ويقول : إنما حبستكن شفقة عليكن. وربما تكلم عليهن فأثّر حاله وصدقه فيهن ، فيجهزهن ويزوجهن. هكذا كان حاله دائما. فقال بعض أهل دمشق لمحمود بن زنكي : إنّ هذا الشيخ مباحي (د) يشرب على القينات. فزجرهم محمود بن زنكي وعرّفهم طريقه ، ثم أتاه وقال : أترك هذا الطريق وأنا أشتري لك ما أردت من الدور ، وأترك في كلّ دار طرية جارية بألف (ذ). فقال أبو زيد : نحن لا نترك طريقنا لأجل ما لك. وسأله أن يترك الدروزة (ر) ويعطيه ما يكفي أصحابه ، فلم يقبل ، وقال : «منّ الله خير من منّ محمود بن زنكي» (ز).
١٦٢ ـ القاضي الخالدي (٤٩٣ ـ ٥٧٣ ه)
هو أبو سليمان داود بن محمد بن الحسن بن خالد الخالدي (١) ، ويقال ابن أبي خالد الإربلي ، كذا وجدت نسبه بخطه ـ رحمه الله ـ سوى الإربلي فإنّي / وجدته باستجازة لأبي الفتوح عبد الله بن شيخنا أبي المظفر المبارك بن طاهر (أ) ـ رحمه الله ـ صورتها :
«المسؤول من أنعام سيدنا السيد الأجل ، الإمام العالم ، أقضى القضاة مجد الدين ظهير الإسلام ، أبي سليمان داود بن محمد بن خالد الخالدي ثم الإربلي ـ أدام الله سلامته ـ أن يجبيز لأبي الفتوح عبد الله بن أبي المظفر المبارك الخزاعي ثم البغدادي ، جميع «كتاب البخاري» بروايته عن الشيخ الإمام ركن الإسلام أبي إسحاق ابراهيم بن إسماعيل بن إسحاق الزاهد الصّفار (٢) ، مسموعه منه ببخاري في مجالس عدة آخرها شهر ربيع الأول من سنة (ب) ثلاث وعشرين وخمسمائة ، بروايته عن الدهان أبي نصر أحمد بن محمد (٣) بن أحمد