الشام / فوصلت إلى بعض قرى يسكنها النصارى ، فلبثت برهة ـ وكانت ليلة الجمعة منتصف رجب ـ فلما كان ثلث الليل برز إليّ رجل من النصارى وطلب الإسلام ، فأسلم. فذهبت به إلى ماء هناك ، فاغتسل وصاحبني إلى مطلع الفجر ، فتهيأنا للرواح ، فبينا نحن نسير في البرية إذ نحن برجلين قد أقبلا من صدر البرية مما يلي القبلة ، وكلّما ذلك المبتدىء بالإسلام وأخذاه ومضيا عني. فعديت خلفهم (ج) وقلت لهما هذا الرجل هو صاحبي ، وهو حديث عهد بالإسلام ، ولا أقدر على مفارقته. فوقفا ـ وأخذني لوقوفهما رعب شديد ، وخفت من أحدهما ـ فكلمني الآخر ، وقال : «لا تصحبنا ، فإنّ هذا الرجل قد التقانا ، وقد التقى بالأولياء ، فامض لحال سبيلك الى الشام ، فرجعت عنهم باكيا ، فناداني أحدهم ـ وهو الذي هبته ورعبت منه ـ وقال : يا أخي أنا الخضر ، وإنّ الذي أنكر (ح) حياتي ، كذب كذب كذب ، ثلاث مرات ، كذب من أنكر حياتي ، وهو غافل عن الله ـ تعالى ـ وهو ابن الأثير (٤) المجادل (خ) لك في ذلك المحفل بمدينة الموصل وسمّاه باسمه ونسبه» (٥).
وذكر نحو هذا أشياء يطول ذكرها. وهذا الذي أوردته نص ما ذكره ، وكذلك إن أوردت غيره. وقرأت عليه هذا الكتاب بدار الحديث المظفرية بمحضر من السلطان أبي سعيد كوكبوري وصدور البلد ، ولم أثبت عليه طبقة سماع. وقال في آخر الأربعين حديثا : «وإني لمّا جمعت هذه الأربعين حديثا عن الأربعين شيخا من كبار المحدثين من أهل / السلف المحققين بالإخلاص والدين والمعاملات بينهم وبين الله ـ تعالى ـ». ثم ذكر من كلامه ما تركه أولى من ذكره. ولم يحدّث فيه عن أحد إلّا عن أبيه وعن أبي علي الموسياباذي ، كليهما لا غير. وقال في آخره : «ولقد كنت في البحر العميق ، خرجت من ناحية سيلان (٦) ـ وهو موضع قدم آدم ـ عليه السلام ـ وهي جزيرة من جزائر البحر ، وإنّ (د) الله ـ سبحانه وتعالى ـ خصّها بالجواهر