() (١) ومن غلال الفول () (٢) أردب ، ولو اقتضى الأمر بيع تلك الغلال بالمزايدة فى السوق السلطانى فإن هذا يحصل لمصر ثمان خزائن ، وفى حالة عدم فيضان النيل ـ اللهم عافنا ـ فإن كافة العباد يطلبون هذه الخزائن الثمانية من الباشا الوالى وبهذا تحقق أنهم ثمان خزائن بالضبط ، ويطعم من مخازن يوسف غير بنى آدم الطيور التى تطير فى السماء ، حيث تأكل الطيور غلال الفول الموجودة فى المخازن فى حالة عدم وجود سقف للمخازن.
ودائما ما تمتلئ تلك المخازن وتفرغ ، ثم تمتلئ مرة أخرى ، إنها دورة الدهر ، وجملة أهل مصر يتكففون منها ، وعندما كان الفقير إلى الله (٣) فى مصر لمدة ثمان سنوات كان له نصيب من أنبار يوسف ، ويقومون بتولية منصب ناظر أنبار يوسف لأشخاص غير مؤهلين لذلك ونظرا لعدم النظر فى حساب هؤلاء الأشخاص شهر بعد شهر فإنه ينكسر وينحبس ، والوزراء الذين يحترزون من هذه الأشياء الثلاثة يخرجون من مصر بسلام. ولم يأتى مصر حتى وقت قريب وزير مدبر ذو بصيرة مثل الكتخدا إبراهيم باشا. وعصره كان العصر المنفرد فى علم الحساب ، وكانت الإيرادات والمصروفات مع بعضها فى تلك المرتبة وجمع على هذا القدر ألف أقجه يوميا ، ووضعت كافة السجلات فى صندوق ذو سياج فضى وربطت إلى خزينة مصر ، ثم عزل الكتخدا بعد ذلك ووصل إلى العادلية بسلام ، ولكن بعد شهرين دخل حضرة حسين باشا جان بولاد زاده إلى مصر ودعا الكتخدا إبراهيم باشا للمحاسبة ، وظل فى ذمته من بقايا خزائن يوسف مائتين وسبعين كيس فلما طالبوه بسدادها أداها فى طرفة عين. لقد كان رجلا منعما ، وبقى فى ذمة الأمناء والكشافين والملتزمين ثلاثمائة كيس لإبراهيم باشا ، ولم يستلم حسين باشا مهمته على دين إبراهيم باشا ، وقال إنه قادر على تحصيل ماله فقط وقال ينبغى أن يكون مكانه رجلا يقدر على تحصيل تلك الأموال.
ووضع إبراهيم باشا على بقايا الكتخدا وعين إبراهيم باشا متصرفا على الشام ، وأصبح مخزن يوسف على الأرض لا سيما وأن اللصوص كثيرون والمستقيمون قليلون وأصبح المخزن فى ذمة الله ليستره الله ، وخلاصة الكلام أن هناك من يقولون أن مصر أم
__________________
(١ ، ٢) بياض فى الأصل.
(٣) يقصد المؤلف نفسه.