تعمل حتى الآن ، وفى كل سنة يقوم جملة الأهالى وأغوات الفرق السبع والباشا والقاضى بزيارتها والدعاء عند أبوابها ، ويقوم أمين تلك المخازن بنصب الرايات عند بابها وينصب مائدة عظيمة للوالى الباشا ويعطى لأمين المخزن جوادا عربيا أصيلا له جراب مجوهر وثلاثة أكياس من المال وثلاثة طواشى وألف أردب من الغلال ويحسن عليه بالخلعة الفاخرة.
وينبه عليه بالاستقامة ، وبعد العصر تنتهى المأدبة ويعين أغا الباشا الوالى ناظرا على تلك المخازن ويمنح أيضا جوادا عربيا أصيلا مزينا وخلعة فاخرة.
ويمنح چورباجى الأنبار وكيالها وكاتبها وجملتهم ثلاثة وعشرين شخص الخلعة الخاصة بعزيز مصر ، ثم يذهبون إلى منازلهم بعد أن يتبادلون التحية وتنصب الراية ويعم السرور جملة أهالى مصر ، ويقوم كافة تجار مصر ومحتكرو السلع بإخراج الغلال من المخازن ويوزعونها ويبكون لأنهم يبيعونها بسعر زهيد ، ويمكننا القول بأنه فى حالة عدم امتلاء تلك المخازن سيحدث القحط فى مصر أم الدنيا حيث يحتاج لهذا المخزن ٧٠٠ ر ٤٧ شخص من جملة طائفة جنود مصر والأيتام والمتقاعدون ، وطائفة النساء والطواشية والجوالى وطبقا لتسجيلات بيرام باشا يحتاج إلى أنبار يوسف هذه مائة ألف شخص لستة عشر مرة (١) ، ويوجد للجنود عليق وجرايات بها ، إذا لم يحصل الجنود عليها فى خلال شهرين تضيق الدنيا على رأس والى مصر أم الدنيا.
وتمتلئ مخازن يوسف المذكورة من بركات وخيرات إيالة جرجا وإيالة أعالى الصعيد ، وكتّاب تلك المخازن يعدون أقلام مختلفة ، فى أيديهم سبعون خليفة وسبعون ترّاسا وسبعون كحالا وسبعون مغربلا ، حيث يقومون بغربلة غلال الجنود بها وينظفونها ، وكل هؤلاء هم جملة خدام المخزن ، ولكن كتابهم يحسبون حسابات المخازن قيراطا قيراطا ، ويأتى كل عام إلى مخزن يوسف من غلة الحنطة ثلاثة آلاف أردب ومن غلال الشعير
__________________
(١) يعنى ستة عشر ضعفا.