الدنيا ، حقا إنها تطعم جميع الأمم ، ويقولون أيضا أن لو خرب العالم تعمره مصر ، ولا يعجز اللسان عن وصف جمال مصر وأحوالها وأطوارها ، إلا أن الفقير إلى الله قليل البضاعة كثير السياحة حضر إلى القلعة ، واجتهد أن حرر كل ما رآه فى مصر ولا يترك شيئا ، ولم يترك شيئا إلا وذكره ، فحرر أوصاف مصر ، ولم يترك مقدار القطرة بالنسبة للبحر أو الذرة بالنسبة للشمس إلا وذكره.
وذكرنا أن جملة الخزائن المصرية المشروحة على المنوال المذكور ثمانين خزينة هى جملة خزائن مصر منها ما هو بموكب ومنها ما هو بدون موكب ، فى كل خزينة منها ألف ومائتى كيس ، وكما أن مصر هى أم الدنيا فإن كل تلك الأموال تكون ملكا للسلطان ـ أيد الله خلافته إلى انقراض الدوران ، على رتبة آل عثمان ـ وتكون جملة مواكب مصر ومنها موكب دخول وخروج وزير مصر وفيضان النيل ومواكب الخزينة وهى خمسة وثلاثون خزينة ويوجد أيضا موكب يستمر عشرة أيام فى السنة حين ذهاب السلطان إلى أنبار يوسف وموكب ذهابه لأداء الجمعة الأخيرة من رمضان فى جامع عمرو بن العاص بمصر العتيقة ، ومن المواكب التى لا تدخل فى هذا الحساب أيضا موكب ذهاب وزير مصر مرتين أسبوعيا إلى قدم النبى والبساتين وأم القياس وقصر الغورى وقصر العينى والسبتية وقايتباى والشيخ الجيوشى والعادلية والمطبخ خانه وقد تحرر هذا فى تشريفات السلطان سليم خان وكتبت كلها فى مواضعها.
الفصل الثانى والخمسون
فى تشريفات قوانين عوائد وزراء مصر
يطلق على الخاصة الهمايونية للباشا اسم الكشوفية الرئيسية ، وهى أربعمائة وثمانون كيس ، كما يتم تعيين ثلاثة آلاف پاره يوميا أى تسعون كيس سنويا من نفقة السلطان للتصدق بها على الفقراء ويقوم أمين بيت المال بإدارة بيت المال الباشا بخلاف بيت مال الانكشارية. أما الباشا فيدير جملة بنادر مصر السبعة وكذا أموال من توفوا ولا وارث لهم فى القرى وكذا معاشات الجند الذين لا وارث لهم ، ويعطى أغا إنكشارية مصر للباشا الوالى ستة أكياس من المال ، يأخذ الأغا من بيت مال الإنكشارية عشر أكياس