ويقوم الكاشف بانتظار النوبة كل ليلة فى خيمة أغا تحصيل الخراج ، وعلى هذا يطعم العامة من مال الباشا لمدة ثلاثة أيام ، ويعطى لهم الثياب والسراويل والقمصان ، ويتم حفظ الأماكن التى يستقر بها كل الأمراء وكل أغوات الأوجاقات ويسير الحجاج على ذلك فى موكب بهيج ، والبعض يدعو الحجاج إلى خيامهم ويضيفونهم ، وينشر كل أغا سبعة أو ثمانية أكواب من المياه أمام خيمته ويقومون كل ليلة بإضاءة ألف خيمة بمائة ألف قنديل ، ويصل صدى صوت طلقات المدافع والبنادق إلى صحراء سبيل العلام ، ويقوم أمير العبيد الموجود فى سبيل العلام بصرف مصاريف كثيرة ، حيث يقوم بحراسة الحجاج لمدة ثلاث ليال ، ويعد استقبال الحجاج ثلاثة أيام ولياليها بمثابة الثواب ، لما فيه من العيش والعشرة والمتعة والصفاء ، وهذا هو ما يتردد على ألسنة الناس.
كما أنه عالم مختلف ويقول أهل مصر عن هذا الاستقبال العربى «جند حجاج الصفا» وفى المكان الذى سيصل فيه أمير الحج فى البركة ، ينتظر أمين الديوان بعد استئذانه من الباشا الوالى ، ثم يقوم أمين الديوان باستدعاء أغا العزب فى المطبخ السلطانى ليتناول ضيافته ، ثم يستدعى بعده أغا السباهيه أى (الفرسان) ثم أغا المتطوعين ثم أغا التوفكجيه ، ويأكل الجميع من هذا الطعام ، ويحصل كل واحد منهم على جواد عربى أصيل ، ويصلون إلى خيامهم فى البركة ، وعند منتصف الليل يمتطى جميعهم الجياد ويسيرون مع ألف من أعيان مصر بألف شعلة ، ويمتطى أمين الوالى وأمين الديوان ورئيس المتفرقة وأمين الجاويشية وسائر الأغوات والباشوات الجياد وتصبح ظلمة الليل ضياء منيرا بفضل مشاعلهم ، وعلى هذا الحال يسير الباشاوات حتى ظهور راية أمير الحج وظهور المحمل الشريف عند مصطبة الأغا وتدق الطبول لقدومهم ويتقابل كافة الأعيان مع الأشراف فيتبادلون التهنئة ويتعانقون ويقبل بعضهم بعضا ويرفع الآذان المحمدى ، وبعد أداء صلاة الفجر يتناولون القهوة ثم يمتطون الجياد.
ويتقابلون مع جملة المشتاقين الذين خرجوا لاستقابهلم ، ويظلون هكذا حتى يصلوا إلى البركة فى موكب عظيم ، ويتناولون مائدة عظيمة ، ويقوم أمين الباشا الوالى بإهداء أمير الحج جوادا مزينا مكملا ويمتطى أمير الحج الفرس ويذهب إلى خيمته ، ويأخذ على أغا كتخدا عبد الرحمن باشا بجواده المزين إلى مصطبة الأغا حيث يمتطى أمير الحج هذا الجواد وعندما يصل إلى البركة ينزل فى خيمته ، ولا يقوم كتخدا الباشا الوالى بضيافته ،